كنت أود التطرق في مقال هذا الأسبوع إلى ملف التنمية المفترض مناقشته غداً بعد تأجيل جلسة أمس، إلا أن رد الزميل سعد العجمي في مقاله بهذه الصفحة الأحد الماضي على ما تطرقت إليه الأربعاء الماضي عن انتقال النائب علي الدقباسي إلى قوى المعارضة، بعد انضمامه إلى كتلة العمل الشعبي، استدعى الرد.

Ad

الزميل سعد رد على معلوماتي بأخرى، وبين حقائق بعض الجزئيات، وهذا ردي عليها:

أولا: فيما يتعلق بالمعلومات التي أشار الزميل إلى خطئها، فإنها متاحة أمام الجميع، ومنها أن النائب علي الدقباسي انسجمت مواقفه مع كتلة المستقلين في مجلس 2003، وأغلب- إن لم يكن جميع- التقارير والمحللين وضعوه في خندق المستقلين، وتصويته في أغلب القضايا كان منسجما مع الكتلة وأعضائها والحكومة، أقول الأغلب وليس الكل، كما أنه لم ينف هذا الارتباط.

ثانياً: النائب علي الدقباسي تغيّر عما كان عليه عندما دخل المجلس للمرة الأولى عام 2003، وانتقل إلى المعارضة قبل أن يسميه التكتل الشعبي عضواً فيه، وشرع في ذلك بعد إقرار تقليص الدوائر الانتخابية إلى خمس، وتحديداً في بداية 2007، وهو ما كشفته مواقفه من الاستجوابات، فقد دعم الوزير محمود النوري في استجوابه وصوَّت ضد طلب حجب الثقة عنه في 2004، وكان أحد الموقعين على طلب عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء في 2009.

ثالثا: شهدت المجالس التي كان علي الدقباسي نائبا فيها (2003، 2006، 2008، 2009) قضايا عدة، وقُدم فيها 23 طلب استجواب، نوقش منها 10، تقدمت في 6 منها طلبات حجب ثقة عن الوزير المستجوب، والنائب علي الدقباسي عارض استجواب محمود النوري، وأيد 6 استجوابات (تحدث مؤيداً أو شارك في تقديم طلب حجب الثقة) منذ يناير 2007، ولم تكن له مواقف معلنة في الأربعة المتبقية التي انتهت دون تقديم طلب حجب الثقة.

أما القضايا، فقد صوّت ضد تشكيل لجنة التحقيق في تجاوزات «هاليبرتون» عام 2004، بما يعاكس موقف التكتل الشعبي بجميع أعضائه وقتها، ووقف ضد حقوق المرأة السياسية، وضد تقليص الدوائر إلى خمس، وفي 2006 وقف أيضا ضد نفس المشروع، وأياً كانت الأسباب فقد صوّت ضد المشروع الذي دعمه 29 نائباً، لأن مسألة عدالة توزيع الدوائر كانت عذر جميع المعارضين للمشروع بما فيهم الحكومة، وصوّت ضد التوصية بإيقاف رئيس جهاز خدمة المواطن الشيخ محمد عبدالله المبارك عن العمل، وهو أيضا موقف يعاكس توجه كتلة العمل الشعبي، التي انضم إليها أخيراً، بل بسببه استبعد التكتل أحد نوابه لأنه اتخذ موقفاً مخالفاً لتوجه الكتلة، كما أشرت في مقالي السابق.

المعارضة يا صاحبي وقواها في الكويت تختلف اليوم عما كانت عليه في السابق، نوعاً وشكلاً، وحتى في طريقة تعاطيها مع القضايا وتكوين المواقف، فبالتأكيد إن أسماء أحمد السعدون (السابق)، أحمد الربعي، أحمد الشريعان، أحمد الخطيب، أحمد النفيسي، سامي المنيس، حمد الجوعان، خالد الوسمي، خميس طلق عقاب، عباس حبيب مناور، عبد العزيز الصقر، عبد العزيز المخلد، عبد الله النيباري، لا توازي بالتأكيد أسماء أحمد السعدون (الحالي)، الصيفي الصيفي، جمعان الحربش، خالد العدوة، خالد الطاحوس، ضيف الله بورمية، علي الدقباسي، فلاح الصواغ، فيصل المسلم، مبارك الوعلان، محمد هايف، مسلم البراك، وليد الطبطبائي.

مشكلتنا في الكويت أننا تغيرنا بسرعة دون أن ندرك ذلك، فقد تغيرت خارطة مجلس الوزراء منذ انتقلت المعارضة ديمغرافياً وجغرافياً وسياسياً إلى الخارج بعد أن كانت في الداخل، فـ»الإخوان المسلمون» تحولوا إلى معارضة، ونواب الشيعة أصبحوا موالاة، وأصبح النواب القبليون يصلون إلى المجلس عن طريق الانتخابات الفرعية ثم يشكلون المعارضة، بمن فيهم النائب محل الحديث، والأقلية تنزل إلى الشارع بعد أن تفشل داخل البرلمان أكثر مما تمارس مهامها بالرقابة والتشريع، وتوحي لنا بأنها أكثرية من خلال لجوئها إلى الصوت العالي، فيما الكويت تتراجع بسرعة فائقة، ربما بسبب المعارضة التي اختزلت دورها بالصراخ.

فلهذا يا صاحبي تراجعنا، ليس بسبب انضمام النائب علي الدقباسي إلى المعارضة، بل لكون التكتل الشعبي بحد ذاته معارضة.