إن استقرار نسبة الشفاء عند 99 في المئة تثبت أن التعامل الطبي مع الحالات المصابة لا غبار عليه، ولكن على الرغم من الجهد الإعلامي المميز للجهات المعنية، لاتزال الخطط المعلنة لمواجهة الوباء غامضة وتفتقر إلى التفاصيل.

Ad

من يعرف د. هلال الساير شخصياً أو التقى به من قبل، أو على الأقل شاهده عبر وسائل الإعلام كما ظهر على تلفزيون «الراي» الأحد الماضي، لا بد من أن يطمئن بأن الصحة العامة بيد أمينة، ومن يعرف عما بذله الساير من جهد ووقت ومال في سبيل تأسيس منظمة «كاتش» و«بيت عبدالله» لرعاية الأطفال المرضى، يعي بأن الرجل أتى إلى الوزارة زاهداً، لا طامعاً، بالمنصب والنفوذ. لذلك، ليس لدي شك بأن استهدافه سياسياً خلال الأسابيع الماضية حول «كاتش» وإنفلونزا الخنازير مفتعل وناتج عن قضايا لا علاقة لها بالصحة العامة أو بأهلية الساير، والمرجح أنها تتعلق بتعيينات وعلاج بالخارج كالعادة.

كان لا بد من هذه المقدمة حتى لا يوضع هذا المقال في خانة الصخب والتسييس ذاتها، بل هي هموم صادقة حول إنفلونزا الخنازير أسطرها بنية المساهمة في حوار بناء يهدف إلى إعانة الوزير وطاقمه على مواجهة الوباء.

لم يعد المرض مقلقاً بعد تطمينات العديد من الأطباء والساير أحدهم، ولكنها تطمينات تقتصر على الجانب الطبي والصحي بأن المرض ليس بتلك الخطورة ومن السهل علاجه، ولا تتطرق إلى الجانب الإداري من التعاطي معه. إن القلق يكمن في إمكانية حدوث فشل نظامي وإداري ينتج عنه خروج الوباء من نطاق السيطرة عليه، فالفترة المقبلة تحمل عدة محفزات لانتشاره وتساهم في تعقيد التعامل معه، أولها عودة المسافرين وازدياد النشاط الاجتماعي في رمضان والعيد باحتكاك الناس ببعضها بعضا في المنازل والديوانيات والمساجد، يليهما عودة المدارس ومن ثم موسم الحج.

هناك قلق تجاه قدرة المستوصفات والمستشفيات على استيعاب الطفرة المتوقعة في أعداد المرضى وزياراتهم، فالإرشادات الصحية تحث الناس على الفحص فور ظهور عوارض الإنفلونزا، فما بالك لو كنا مقبلين على فصل الخريف وهو الموسم الطبيعي للإنفلونزا العادية؟ عندها سيراجع الناس الطبيب «عند أول عطسة» وسيتزاحمون على أبواب الأطباء الذين سيضطرون بدورهم إلى تصنيف الحالات وإعطاء الأولوية للحرجة منها، أما الحالات الأخرى- وبعضها بدايات إنفلونزا خنازير- فلن تحظى بالاهتمام الكامل، وعودتها إلى البيت من دون علاج سيزيد من فرص انتشارها، وهكذا تكبر كرة الثلج إلى أن يتحول الفشل النظامي إلى مشكلة صحية خارج السيطرة.

إن استقرار نسبة الشفاء عند 99 في المئة تثبت أن التعامل الطبي مع الحالات المصابة لا غبار عليه، ولكن على الرغم من الجهد الإعلامي المميز للجهات المعنية، لاتزال الخطط المعلنة لمواجهة الوباء غامضة وتفتقر إلى التفاصيل، ومنها على سبيل المثال التلكؤ في اتخاذ القرار الشجاع والعقلاني بمنع الحج هذا العام تحقيقاً للمصلحة العامة.

هذا هو القلق الحقيقي في ظل وجود محفزات انتشار الوباء المذكورة أعلاه وعدم توافر التطعيم الوقائي وشح اللقاح العلاجي، وهو قلق جدير بالاعتبار، ويستحق مزيداً من التخطيط والشفافية، خصوصا في أعقاب مأساة «حريق العيون» وما كشفته من عجز نظامنا الصحي عن استيعاب الإصابات الجماعية.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء