بعد كثير من «الأخذ والرد» والمواعيد المضروبة والوساطات الحثيثة والاعتذارات، وطئت قدما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني النائب وليد جنبلاط أمس دمشق، في زيارة هي الأولى له إلى العاصمة السورية منذ فبراير 2004.
وجاءت هذه الزيارة، بعد فتح جنبلاط صفحة جديدة مع النظام السوري، لينهي بذلك خمس سنوات من القطيعة والخلاف اللذين بلغا حداً غير مسبوق مع سورية ونظامها ورئيسها بشار الأسد، ويستكمل بذلك «انعطافته» السياسية التي بدأها منذ شهر أغسطس الماضي، حين أعلن خروجه التدريجي من قوى «14 آذار» متموضعاً في «الوسط».واستقبل الأسد جنبلاط في قصر الشعب في دمشق، حيث أجريا محادثات ثنائية منفردة.ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن جنبلاط إشادته بـ«مواقف الرئيس الأسد تجاه لبنان وحرصه على أمنه واستقراره»، مثمّناً «الجهود التي قام ويقوم بها لتوطيد علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين». كما أكد الطرفان «أهمية دور المقاومة لما تمثّله من ضمانة في وجه المخططات التي تقودها إسرائيل، والتي تستهدف المنطقة العربية برمّتها».ورغم أن جنبلاط أجَّل إطلاق أي موقف سياسي واضح إلى مؤتمر صحافي يعقده قبل ظهر اليوم في منزله في بيروت، فإنه أكد بُعَيد عودته إلى لبنان، في حديث إلى قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله»، أنه بُلِّغ ليل الثلاثاء - الأربعاء في منزله في كليمنصو موعدَ لقائه مع الأسد عبر مسؤول الارتباط في «حزب الله» وفيق صفا المعني بملف التواصل مع دمشق.ولفتت «المنار» إلى أن الموعد كان قد بلّغه قبل وقت ليس بطويل المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين خليل من القيادة السورية.ووصف جنبلاط لقاءه مع الأسد بأنه «ممتاز جداً وودّي وصريح وإيجابي جداً»، وأشار إلى أنه «جرى خلال اللقاء استعراض محطات سياسية عديدة، والتركيز على أهمية الاستقرار في لبنان واحتضان المقاومة وتعزيز العلاقات الثنائية عبر المؤسسات الدستورية»، مضيفاً أن «الأسد كسر رهبة اللقاء حين بادرني بالحديث متمنياً عليَّ قول كل ما أريد قوله كما كنت أصرّح في الإعلام، وتطرقنا إلى أمور خاصة لن أتكلم عنها في الإعلام، كما تمّ التفاهم على آليةٍ تضمن التواصل بصورة جيدة سأعلن عنها في المؤتمر الصحافي المخصص لوضع الرأي العام في أجواء الزيارة».وأشار إلى أنه جرى خلال اللقاء «التأكيد على العلاقات المميزة مع سورية وفق ثوابت اتفاق الطائف، وعلى رفض أي صفقة منفردة مع إسرائيل، وعلى تحرير الأرض ودعم المقاومة، أما باقي الملفات بين البلدين فيعود للحكومتين مناقشتها».ورحَّب قياديو «حزب الله» الذي لعب أمينه العام حسن نصرالله دور عرّاب المصالحة بين دمشق والمختارة، بالخطوة الجنبلاطية.واعتبر مسؤول الإعلام المركزي في الحزب إبراهيم الموسوي أن «هذا التقارب يقوّي الوضع اللبناني في مواجهة التهديدات الإسرائيلية»، مؤكداً ترحيب الحزب بـ«أي تقارب مع من يدعم حقوق لبنان الأساسية خصوصاً في المقاومة».وفي المقلب الآخر، رأى منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» فارس سعيد أن « جنبلاط عبّر في 2 أغسطس الماضي عن موقف معين، وهذه الزيارة هي ترجمة فقط لموقف قديم له ولن تُحدث شيئاً إضافياً في المشهد السياسي اللبناني»، مشيراً إلى أن «الحكم على هذه الزيارة سيكون على النتائج وليس على الزيارة بحد ذاتها».وفي دمشق، اعتبر رئيس تحرير صحيفة «الوطن» المقربة من السلطة وضاح عبد ربه لوكالة «فرانس برس» أن زيارة جنبلاط «تشكل لبنة لإعادة الثقة والروابط التاريخية التي كانت تربط بينه وبين سورية»، ولكنه لفت إلى أن «هناك عملاً كبيراً مطلوباً من جنبلاط عند عودته إلى المختارة من أجل إعادة بناء هذه الثقة مع دمشق» مضيفاً: «أعتقد أن جنبلاط سيُدلِي بتصريحات واضحة وملائمة يعلن فيها بشكل واضح وملائم خروجه عن الوسطية واصطفافه إلى جانب قوى الممانعة».
آخر الأخبار
جنبلاط يعود إلى دمشق... ويؤكد للأسد العلاقات المميزة وأهمية المقاومة
01-04-2010