عقد من السينما: كشف حساب (2)

نشر في 09-03-2010
آخر تحديث 09-03-2010 | 00:00
 محمد بدر الدين كانت السينما المصرية منذ السبعينيات قد شاخت، على غرار المؤسسات والسلطات في البلاد، بسبب استمرار النجوم، الذين كانوا يؤدون أدوار الشباب وطلاب الجامعة، على مدى ثلاثين عاماً أو ربع قرن، في تجسيد هذه الشخصيّات.

في هذا الإطار صرح نور الشريف: «نحن أكثر جيل في السينما المصرية طالت نجوميته، وطالت مدة أدائه دور الفتى الأول، وقد جاء هذا الأمر للأسف على حساب جيل تلا جيلنا».

إذا كان الشريف، بحكم ثقافته وموضوعيته وتفهمه، استغرب هذا الوضع، فإن زملاءه امتعضوا ولم يخفوا قلقاً وحزناً شديدين لظهور موجة من النجوم الجدد، من شأنها تغيير الأوضاع وهزّ العروش!

والحقّ أن موقفهم مفهوم وقلقهم مشروع، إلا أن مسار السينما المصرية، لو اتسم بسمات «طبيعية» في تلك المرحلة ـ على غرار مراحل الفيلم المصري السابقة ـ لكان ظهور جيل جديد من النجوم أمراً لا يدعو إلى إزعاج السابقين إلى هذا الحدّ أو يهدد بالقضاء عليهم!

مثلاً، لم تثر بطولة مطرب شاب هو عبد الحليم حافظ وممثلة صاعدة هي نادية لطفي في فيلم «الخطايا»، قلق نجمين كبيرين من جيل سابق هما مديحة يسري وعماد حمدي، أديا بطولة أفلام كثيرة، ولم يجدا أي بأس في أداء أدوار الآباء لنجوم وأبطال جدد، بل إن «المكان» سمح أيضاً باكتشاف وجه جديد هو حسن يوسف وإسناد دور مهم إليه.

لكن ما حدث منذ السبعينيات وحتى العقد الأخير من القرن العشرين كان غير طبيعي، رأينا جيل ممثلي السبعينيات، وهم في الحياة الحقيقية أباء وربما أجداد، يؤدون أدوار الفتية والشباب والطلاب، وبدا غريباً أن ترى في مثل هذه الأدوار محمود ياسين أو حسين فهمي أو فاروق الفيشاوي أو نبيلة عبيد، أو ترى عزت العلايلي، بوجه كهل في فيلم «عيب يا لولو..»، طالباً ملتصقاً بالمكتب ويذاكر دروسه!

كذلك في فيلم «كل هذا الحب» للمخرج البارز حسين كمال، رأينا نور الشريف طالباً جامعياً يتخرج ويبدأ رحلته مع العمل والحبّ ومشاكل الشباب.

زاد على كآبة الجمهور المصري، أن ظاهرة مماثلة في السياسة تزامنت مع هذه الظاهرة في السينما، لذا أقبل هذا الأخير على دور العرض ليشاهد محمد هنيدي بطلاً للمرة الأولى (أو ملكاً)، وليمنح، عن طيب خاطر، سلسلة من الأفلام له ولزملائه أرباحاً ضخمة غير مسبوقة في تاريخ السينما المصرية.

أكد محمد هنيدي خطوته الأولى «صعيدي في الجامعة الأمريكية» بخطوة ناجحة تالية هي فيلم «همام في امستردام» للمخرج سعيد حامد والمؤلف مدحت العدل.

يبقى هذان الفيلمان، في رأينا، أحسن أفلامه مع أنه قدّم أفلاماً أخرى لا بأس بها مثل «جاءنا البيان التالي» و{صاحب صاحبه»، إلا أنه تعثّر في «بلية ودماغه العالية» و{يا أنا يا خالتي»، كذلك الأمر بالنسبة إلى أفلام زملائه، لعدم تماسك النص السينمائي والسيناريو، بل تفاهته وسذاجته، والاستعاضة بنوع من «اسكتشات» الفكاهة ولصقها جنباً إلى جنب من دون روح أو رابط درامي حقيقي، بدلاً من معالجة وسيناريو ناضجين.

وغني عن القول إن الكوميديا تستلزم جدية ونضجاً وتماسكاً بما لا يقلّ على الإطلاق عن أي عمل درامي آخر أو تراجيدي. وقد وفق علاء ولي الدين زميل هنيدي الموهوب المتميز، الذي رحل بغتة وهو في عز العطاء والنجاح، في فيلم «الناظر» إخراج شريف عرفة لكنه مع الأسف كان فيلمه الأخير.

ولم يلبث أن لحق بالمجموعة الأولى: محمد هنيدي، علاء ولي الدين، أشرف عبد الباقي، أحمد آدم، مجموعة ثانية: هاني رمزي، أحمد حلمي، محمد سعد، أحمد رزق، أحمد عيد، ماجد الكدواني، رامز جلال، أحمد مكي.

back to top