الإصلاح السياسي ولجنة القيم

نشر في 05-04-2010
آخر تحديث 05-04-2010 | 00:00
 د. بدر الديحاني إنه من قبيل الظلم والتجني اختزال عمل مجلس الأمة ودوره الدستوري في التصرفات غير المقبولة اجتماعيا وسياسيا وأخلاقيا، والتي تصدر أحيانا من بعض الأعضاء، والتي نجد لها مثيلا في كثير من برلمانات العالم كافة، وذلك لأن مجلس الأمة (البرلمان)، باعتباره أحد المكونات الأساسية لنظام الحكم الديمقراطي، هو مؤسسة ديمقراطية مستقلة ذات شخصية اعتبارية تقوم بدورها الدستوري رغم بعض التصرفات غير المقبولة التي قد تصدر أحيانا من بعض الأعضاء الذين قد ينقصهم الثقافة والوعي السياسيين، ولا يعرف بعضهم القيم الديمقراطية الحقيقية لأنها قيم مكتسبة من الحياة السياسية العملية التي لم يسبق أن مارسها بعض الأعضاء من قبل.

كما أنه من الأهمية بمكان عدم عزل تصرفات أعضاء مجلس الأمة وسلوكياتهم أو ما يطرحونه من قضايا عن واقعنا السياسي العام الذي هو واقع سياسي متخلف بما تحمله الكلمة من معان لا تتوافر فيه أبجديات العمل السياسي المنظم والصحيح، لذلك فإن الأغلبية العظمي ممن يطلق عليهم «نشطاء» سياسيون بمن فيهم أغلبية أعضاء مجلس الأمة لا تفقه شيئا في أمور السياسة، أضف إلى ذلك أن الأغلبية العظمى من أعضاء المجلس لم تصل إلى كرسي البرلمان نتيجة لوعيها السياسي أو نضجها الثقافي والفكري أو طرحها السياسي المميز، إنما وصلت نتيجة لاصطفافات قبلية أو طائفية أو عائلية أو فئوية أو لاستخدام المال السياسي والخدمات «اللوجستية» التي وفرتها الحكومة وأصحاب النفوذ والمصلحة الخاصة عبر السنين.

لذلك فإن الاكتفاء بالتمني والتوسل والترجي بأن يعدل بعض أعضاء المجلس من سلوكهم غير المنضبط أحيانا لن يجدي نفعا، ناهيك عن كونه فعل الكسول والعاجز لأن التغير الاجتماعي والسياسي الحقيقي لا يأتي أبدا بالتمني والتوسل والترجي، إنما يكون حصيلة طبيعية للفعل الواعي والمدرك وثمرة من ثمرات التخطيط السليم الذي يبحث في الأسباب الجوهرية الحقيقية للمشكلة ولا يتوقف كثيرا عند أعراضها وظواهرها على اعتبار أن معالجة الأسباب الجوهرية يترتب عليها بالضرورة تلاشي الأعراض والمظاهر السلبية. كما أن وضع اللوائح الداخلية واستحداثها على أهميتها مثل لائحة القيم في مجلس الأمة غير كاف بحد ذاته لأنه قد يخفف من بعض الأعراض الظاهرة للمشكلة لكنه حتما لن يقضي عليها.

لذا فإن المطلوب هو تغيير مدخلات العملية السياسية حتى يكون لدينا مخرجات نوعية مختلفة، وذلك من خلال إصلاح نظامنا الديمقراطي الذي وضع أسسه دستور 1962 وتطوير آلياته وأساليبه من أجل تهيئة البيئة السياسية والاجتماعية والثقافية المناسبة للتطور الديمقراطي السليم. إننا بحاجة إلى إيجاد نظام انتخابي جديد ونوعي يضمن لنا تحويل الصراع المجتمعي إلى صراع سياسي وطني صحي وهادف بدلا مما يجري حاليا من تناحر قبلي وطائفي وفئوي ومناطقي. كما أننا في أمس الحاجة أيضا إلى تنظيم العمل السياسي لكي يتوافق وينسجم مع النظام الدستوري الديمقراطي، ويُخرج لنا سياسيين حقيقيين يعرفون ماهية العمل السياسي الديمقراطي وكيفية ممارسته بشكل وطني صحيح.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top