«الوجه البشع»!
مضحك حتى حدود الاستلقاء على الظهر ادعاء الرئيس باراك أوباما بأن: "نتنياهو سيجازف من أجل السلام"، والسؤال الذي كان يجب أن يطرحه رئيس الولايات المتحدة على نفسه، قبل أن يذهب به التملق والرياء إلى هذا المستوى الفاضح، هو: بماذا سيجازف رئيس الوزراء الإسرائيلي يا ترى ما دام أنه لم يعترف بأن حدود الرابع من يونيو هي حدود الدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة، وما دام أنه لم يتخل عن إصراره على الاحتفاظ بالقدس، وما دام أنه مصر على مواصلة الاستيطان...؟!إن أقل ما يمكن قوله بالنسبة إلى هذا التصريح هو أن أوباما لم يكتف بالتراجع عما كان قاله في خطاب جامعة القاهرة الشهير، ولا بالتملص من الوضعية التي كان استقبل بها نتنياهو في المرة السابقة، سواء في الشكل أو المضمون، بل هو تجاوز كل هذا وأصبح يتبنى الكذبة الإسرائيلية، التي رافقت كل المفاوضات التي جرت بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ أرسلوا حتى آخر جولة مفاوضات غير مباشرة، القائلة إن المفاوض الإسرائيلي يقدم تنازلات مؤلمة! فأي تنازلات هذه وأي منطق هذا الذي انجر إليه رئيس الولايات المتحدة...؟!
عندما يتحدث الإسرائيليون عن تنازلات مؤلمة يقدمها مفاوضهم إلى الفلسطينيين فإنهم ينطلقون من عدم الاعتراف بأنهم يحتلون أرض غيرهم، وأنهم يعتبرون أن الأرض، أي فلسطين كلها حسب الوعد التوراتي المزعوم، لهم، وأن الشعب الفلسطيني هو مجرد أقلية وافدة طارئة تعيش على هذه الأرض، وأن "إعطاء" هذا الشعب حتى الحد الأدنى من الحقوق المدنية يعتبر تنازلاً "مؤلماً" عن حق تاريخي حسب الرواية التلمودية.ثم عندما يأتي باراك أوباما، الذي يبدو أنه اضطر مرغماً إلى أن "يلْحَسَ" كل مواقفه وكل ما كان قاله سابقاً، سواء خلال معركة الانتخابات الرئاسية أو بعد ذلك، فإنه في حقيقة الأمر يتبنى هذا الادعاء الإسرائيلي "التلمودي" بحرفيته، وإنه بالتالي قد وضع نفسه في موضع المفاوضين الإسرائيليين الذين مازالوا لم "يهضموا" مسألة الدولة الفلسطينية المستقلة، ومازالوا يتمترسون عند مسألة أن الأرض، كل الأرض، لهم وأن الفلسطينيين مجرد جالية غريبة ليس لها إلا الحد الأدنى من الحقوق المدنية.وحقيقة إنه لن تتكشف أمور أخرى قبل أن تبدأ المفاوضات المباشرة، التي هي مطلب أميركي بقدر ما هي مطلب إسرائيلي، فإن وجه أميركا البشع بالأساس في هذه المنطقة سيصبح أكثر بشاعة، والإرهاب سيجد مبرراً جديداً، إضافة إلى مبرراته الكثيرة السابقة، وسيثبت أن الأولوية في البيت الأبيض، بغض النظر عن لون وشكل نزيله، هي للمصالح الإسرائيلية لا للمصالح الأميركية.