التقيت بالأخ خالد الفضالة عدة مرات على هامش أنشطة مختلفة، وسبق أن تهاتفنا مرة أو مرتين أو أكثر، فوجدت فيه شابا يفيض حماسا وحبا لوطنه، يعدل وحده العشرات ممن يعج بهم هذا الوطن، ممن لا فائدة لهم تذكر، اللهم إلا كونهم أرقاما أخرى تضاف في التعداد السكاني، وأنا أقدم بهذا، لأظهر إعجابا مستحقا بالأخ الفضالة على هذا المستوى، وكذلك لأشدد بعدها على تعاطفي الشديد معه في المحنة التي ألمت به وهو محبوس حاليا على خلفية الحكم القضائي الذي صدر في حقه.

Ad

أتعاطف معه كثيرا، وأتمنى أن يفك الله محنته، وأن يهون عليه وعلى أهله مرارة هذا المصاب الصعب، فالسجن شيء قبيح، لم أكن لأحبه لأحد من أبناء بلدي الصالحين.

لكنني ومع هذا الذي قلت، ولعل بعضكم يدرك ذلك، خصوصا ممن يعتنون بفحص مواقفي بعدسة مكبرة لسبب لا أعرفه على وجه الدقة، لم أقم بالتوقيع على البيان الذي صدر قبل مدة للتضامن مع خالد الفضالة على خلفية سجنه، والسبب في هذا، هو أن قضية الفضالة، وذلك من بعد تجريدها من كل ما علق بها من أمور بعيدة كل البعد عن صلبها، وترتيب أوراقها من ذلك الخلط العجيب الذي حصل لها، هي قضية بسيطة جدا، لا تخرج عن الإطار التالي: قام خالد الفضالة باتهام رئيس مجلس الوزراء علنا بممارسة غسيل الأموال، فقام الرئيس بالاحتكام إلى القضاء دفعا لهذه التهمة الشائنة في حقه، ليجيء الحكم على الفضالة بالعقوبة المقرة قانونا، وذلك من بعد فشله في إثبات صحة ما تفوه به من اتهام، ومن بعد ما وجدت المحكمة أن تعرض لرئيس الحكومة بالقذف والتجريح.

يا سادة، ليس في الحكاية أي اعتقال بغير حق، ولا سجن دون سند من قانون، ولا تعسف لسلطة قمعية تضرب بيد من حديد ونار، وكل ما هنالك أن الأخ الفضالة، أخطأ في حق رئيس الحكومة وأساء له بشكل بعيد كل البعد عن حرية التعبير، فشتان ما بين النقد المباح ولو كان قاسيا لاذعا، وما بين القذف والشتم والتطاول. كما أن ما قام به رئيس الحكومة في المقابل هو حق أصيل له، ولا يبتعد إطلاقا عما قام به النائب مسلم البراك، مثلا، منذ مدة ليست بالبعيدة حين أقام دعوى على رئيس تحرير جريدة «الشاهد» وهو الذي كتب زاعما تقاضي مسلم البراك مبلغا شهريا كبيرا من الشيخ ناصر صباح الأحمد، وهذه تهمة سافرة استحقت من البراك أن يردها عن نفسه عبر القضاء.

خالد الفضالة رجل كامل الأهلية، وهو أمين عام لجماعة سياسية عريقة، ولذلك فهو مسؤول مسؤولية كاملة عما تلفظ به وقاله على الملأ، وبالتالي فإن ما بدر منه ليس مجرد كلام حماسي إنشائي أطلقه للاستهلاك الجماهيري، ولا تجب مؤاخذته على دلالاته ومعانيه بل هو كلام له تبعاته القانونية، التي أظنه قد أدركها جيدا الآن.

لذلك فحين طُلب مني التوقيع على بيان التضامن مع الفضالة، لم أقم بذلك، لأني لم أجد وجه التضامن؟ ومازلت أتساءل: هل التضامن هو تأييد للفضالة فيما قاله؟ وحينها ستكون كارثة! أم أنه إخلاء لذمته من مسؤولية ما تفوه به؟ وهذه أصعب من سابقتها، فهي مشينة بحق الفضالة نفسه واتهام له بنقص الإدراك لما يقول! أم أنه تضامن معه وقول بأن مثل هذه الاتهامات الشديدة بغير دليل، هي من قبيل حرية التعبير؟ وهذه لا يقبلها رشيد.

خالد الفضالة قد اقترف خطأ واضحا يعاقب عليه القانون، وهو الآن يدفع ثمن هذا الخطأ، وفقا للآليات القانونية المقرة دستوريا، والتضامن معه لا وجه له إلا رفض القانون والاحتجاج على القضاء الذي حكم عليه، وهذا منزلق صعب وخطر جدا، كما يدرك أبسط الناس.

نعم، أتعاطف معك يا خالد، وأتمنى من الله أن يفك قيدك وأن يعيدك إلى أهلك سليما معافى، لكنني لا أتضامن معك فيما اقترفت لأنه خطأ تم تجريمه قانونا.