نسمع كثيراً عن الفساد الإداري والمالي المستشري في الأجهزة الحكومية، وهو حتماً سيعيق أي خطوات جادة لتحقيق أهداف خطة التنمية المزعومة التي تصرح الحكومة بأنها في صدد البدء بتنفيذها رغم أن ما قدمته وأقره مجلس الأمة لا يتعدى كونه إطاراً عاماً لخطة تنموية وليس خطة تنموية.

Ad

وقد طالبنا أكثر من مرة في هذه الزاوية بالبدء في عملية إعادة هيكلة جذرية للجهاز الإداري الحكومي حتى يكون قادراً على تنفيذ خطط التنمية المستدامة متى ما قدمتها الحكومة، وعلى تقييم نتائجها.

كما طالبنا بأن تقوم الحكومة بمعاقبة الفاسدين والمفسدين وتقديمهم إلى المحاكمة من خلال توفير مستندات وأدلة وافية للنيابة العامة تحدد أسباب الاتهام بشكل دقيق، وتذكر أسماء الأطراف المتهمة حتى لا تكون الإحالة إلى النيابة وسيلة من وسائل تبرئة الفاسدين الذين غالباً ما تحفظ القضايا التي تقدمها ضدهم لعدم كفاية الادلة!

لهذا، فإنه من غير المعقول، كما ذكرنا ذات مرة، ألا توقع الحكومة أي عقوبة جزائية على أي مسؤول حكومي كبير رغم الاعتراف الحكومي بالفساد في أكثر من مناسبة، وهو فساد إداري ومالي وسياسي منتشر في الأجهزة الحكومية ترصد أساليبه المتعددة وتذكر بعض حالاته الصارخة "جمعية الشفافية الكويتية" في تقاريرها القيّمة التي تصدرها، كما تشير إليه التقارير الدورية التي يصدرها ديوان المحاسبة، وقد فاحت ريحته أكثر من مرة ونتج عنه خسائر مادية ومعنوية كثيرة وصلت إلى حد الكارثة مثل مشكلة الصرف الصحي في منطقة مشرف وتظاهرات العمالة الهامشية في جليب الشيوخ وغيرها من المناطق.

أما آخر "قصص وحكايات" شبهات الفساد الذي ينخر في أجهزة الحكومة فهي الاتهامات المتبادلة بالفساد بين مدير عام البلدية السيد أحمد الصبيح من جهة وبعض أعضاء المجلس البلدي من الجهة الأخرى، حيث اتهم مدير عام البلدية أعضاء المجلس جميعا بالفساد، ورد عليه الأعضاء، خصوصاً من انسحبوا من الجلسة على لسان العضو محمد الهدية الذي قال: "أتمنى لو كان المدير العام أحمد الصبيح موجوداً، فقد اتهم المجلس بالفساد، والفساد يكمن في جهازه، الذي لا نعلم إن كان يعلم بهذا الفساد أو مازال نائماً في سباته، ولا يعلم بأي أمر... وهذه مصيبة عظيمة"... ("الجريدة" 16 فبراير 2010).

وقد سبق أن اعترف مدير عام البلدية بوجود فساد في الأجهزة التابعة له، إذ ذكر قبل عامين أثناء إحدى جلسات المجلس البلدي: "إن هناك في كل مكان فسادا وصلاحا، وكل فساد موجود في البلدية نحن نسعى جاهدين للقضاء عليه"... ("الراي" 8 يناير 2008).

ولكن على ما يبدو أن جهود السيد المدير العام للقضاء على الفساد لم يحالفها النجاح، والدليل على ذلك ما ذُكر في الجلسة الأخيرة للمجلس البلدي... والآن نحن أمام اتهامات متبادلة وجادة بالفساد بين فريقين رسميين، فهل سنرى يا ترى هذه المرة إجراءات جادة من قبل الحكومة للتحقق من هذه الاتهامات ومعاقبة من تثبت عليه، لاسيما أن الاتهامات بالفساد تتعلق بمرفق مهم وحيوي تتشعب اختصاصاته لتشمل أغلب شؤون حياتنا؟ أم أنه لا حياة لمن تنادي؟!