العراق: مَنْ الأحق بالوصاية؟
إذا كان هناك أحد له فضل على الذين يشتبكون الآن سياسياً على كرسي وكراسي الحكم في العراق فهو الولايات المتحدة، فبدونها وبدون جيوشها وبدون ما يعتبره البعض تآمرها ما كان من الممكن أن يحصل ما حصل، ولكان صدام حسين لايزال يجثم فوق صدور العراقيين، ولكانت خلايا حزب البعث تكتم أنفاس الناس في كل قرية ومدينة وفي كل شارع وفي كل مكان، ولما كان هناك "اجتثاث" ولا من "يجتَثون".لولا جيوش الولايات المتحدة واستخباراتها لما وطئت أرض العراق لا أقدام أحمد الجلبي ولا أقدام أياد علاوي، وبالطبع ولا أقدام نوري (جواد) المالكي وإبراهيم الجعفري، ولكانت قوات المجلس الأعلى للثورة الإسلامية لاتزال مجرد سرية صغيرة في ميليشيات الاستخبارات الإيرانية، ولكان السيد مقتدى الصدر لايزال يواظب على حفظ "نهج البلاغة" في "قُمْ" في مسجد مرقد السيدة معصومة شقيقة الإمام علي "الرِّضا" الذي توسد الآن تراباً طهوراً في "مشهد" المقدسة.
ولولا أميركا وجيوشها وغزوها واحتلالها لما كان هناك في العراق الآن هذا الذي يسمى "فيلق القدس"، ولما كان الجنرال قاسم سليماني الذي تنحني له أغلظ الرقاب وأمتنها في بلاد الرافدين، والذي يتصرف في هذا البلد العربي على أنه وكيل الولي الفقيه، وعلى أنه مندوب محمود أحمدي نجاد السامي الذي يده مطلقة والذي يفعل ما يشاء وما يحلو له. ولهذا فإن ذروة عدم الوفاء وذروة التّنكر لوليّ نعمة كل الذين فازوا في الانتخابات، الذي هو الولايات المتحدة ورئيس الولايات المتحدة السابق جورج بوش "الابن"، الذي كانت مكافأته أن تلقى ضربة حذاء من شخص لم يكن يستطيع لا هو ولا مـَنْ هو أكبر منه بألف مرة أن يقول ليس لعُدي أو قصي وإنما لماسح أحذية عبدو حمود: "ما أحلى الكحل في عينك"، أن يشدّوا الرحال على هذا النحو إلى طهران ليسلموها أعناقهم ومستقبل بلد لايزال يسير على حدِّ السيف، ولايزال يتعرض لتهديد تصدير الثورة الإيرانية.وحقيقة إن من بين كل هؤلاء الذين ينعمون الآن بالانتصارات التي تحققت كنتيجة للانتخابات الأخيرة من كان له وجود فعلي على أرض الواقع في العراق هم الأكراد، وحتى هؤلاء فإنه لم يكن بإمكانهم الصمود في وجه صدام حسين وإقامة هذا الكيان الجميل في الشمال، في السليمانية وأربيل ودُهوك وزاخو، منذ عام 1990 حتى أبريل 2003، لولا الدعم الأميركي والحماية الأميركية.وهنا وحتى لا يُفهم هذا الكلام خطأً ويُستغل من قبل فرسان المزايدات لحملات تشويه واتهامات، كما هي العادة، فإنه لابد من القول إنه إذا كان لابد من هذا "الاستخذاء" المعيب والاستسلام لوصاية خارجية فإن الأولى بهذا هو الولايات المتحدة، التي هي فعلاً دولة غازية ومحتلة وشيطان أكبر، وليس طهران والولي الفقيه ومحمود أحمدي نجاد!