هادئاً حد التواري، خجلاً يحمل ألمه وانكساره، صمتاً مرَّ "يوم كتاب الطفل العالمي" على الساحة الثقافية والإعلامية في الكويت، وأظن أن ربطاً وثيقاً يجمع بين احتفالية يوم كتاب الطفل العالمي في الثاني من أبريل، والأول من أبريل، فتبدو احتفالية يوم كتاب الطفل العالمي، أقرب ما تكون إلى كذبة حقيقية في عالمنا العربي!

Ad

في عام 1967، بدأ العالم يحتفل بيوم كتاب الطفل، ولهذا العام تحديداً حضور ملتاع في الضمير والتاريخ العربي الحديث، وليس أقل من تعريفه بعام النكسة أو عام الهزيمة، وذلك بإرجاعه إلى واحدة من أكثر المعارك بؤساً وخسارة في التاريخ العربي، بين الدول العربية مجتمعة من جهة، وبين إسرائيل والعالم الغربي المتعاون معها من جهة ثانية. ويبدو جلياً أن ذيول الهزيمة لم تزَل تلحق وتؤثر تأثيراً بالغاً في الأمة العربية، وأن وطناً عربياً جميلاً متسعاً يمتد من البحر إلى البحر، من المغرب إلى المشرق العربي، مازال غارقاً في التعاسات والجهل والتخلف والفقر والنزعات والحروب والقتل والدمار، ويبدو هذا متسقاً جداً مع نسيان عالم الطفل، وعلى رأس هذا النسيان، تجاهل كتاب الطفل، وتعليم الطفل، وربما حياة الطفل، في بعض البلدان العربية المبتلاة بالحروب والفقر.

إن نظرة فاحصة إلى حال الأمة العربية ومقارنتها بحال المجتمعات المتقدمة، تبعث المرارة في القلب، وتثير تساؤلاً مشروعاً: متى سيتسنى للعالم العربي اللحاق بقطار التقدم العلمي والفكري والتقني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والعسكري والرياضي، وبالتأكيد الفني؟ متى كبيرة تتخلق كالصخرة تسد علينا مجرى التنفس، فنختنق بالحسرة، ولا يبقى لنا إلا التمسك بخيوط الأمل الواهية، والسعي الفردي المضني كلٌّ بما أمكنه.

إن خطوة أولى على طريق التقدم، في أي مجتمع من المجتمعات إنما تنطلق من الحرف والكلمة والكتاب، ومن الإيمان بجدوى العلم والتعلم، لذا يبدو أن سعياً باتجاه المستقبل، هو بالضرورة سعيٌ باتجاه علاقة جديدة ومتجددة بالكتاب، وسعيٌ جادٌّ لبعث علاقة وطيدة بين أبنائنا والكتاب والقراءة، وبالتالي العمل على تقديم كتاب عصري يليق بطفل القرن الواحد والعشرين، كتاب يستند إلى إرث وحضارة الأمة، ويحلق بوعي اللحظة الإنسانية الماثلة، وهذا يتطلب درساً وتوقفاً واجتهاداً أمام أهم السبل لإنجاز كتاب حديث للطفل، كتاب يكون قادراً على إدهاش الطفل وإمتاعه وإيصال معلومة مهمة إليه.

تفاوتت مظاهر احتفالية "يوم كتاب الطفل العالمي" في أوطاننا العربية، لكن هذه المظاهر بالعموم لم تأتِ بما تستحق الاحتفالية، وفي الكويت، شعرت بمرارة كبيرة كون الاحتفالية مرت من دون أن يشعر بها أحد، ومن دون أن يقف أمامها أحد، ومن دون أن يعيرها أحد اهتماماً يليق بها، سواء على مستوى المؤسسات الرسمية، أو جمعيات النفع العام، أو الأهلية، أو حتى على مستوى الملتقيات والمنتديات الثقافية، وكأن هناك اتفاقاً مضمراً بعجز الجميع عن القيام بواجبه حيال هذه المناسبة.  

لأنني لا امتلك إلا الرهان على الغد الأجمل، فلقد عشتُ عمري كله متفائلاً، وسأبقى أنتظر يوماً جميلاً مسالماً يأتي، أتمنى أن يكون قريباً، ويكون للطفل العربي وعالمه حضورٌ بهيٌّ على أجندة اهتماماتنا.

إلى فادية ابنتي الصغيرة، وإلى صبا حفيدتي، وإلى أحبابي أطفال العالم العربي أينما كانوا، أقدم اعتذاري إليكم، وأتمنى لكم مستقبلاً طيباً مليئاً بالخير... آمين.