طهران تفوز 3- 0 في حربها الدعائية ضد إسرائيل
يسلّط الناطقون باسم النظام الإيراني في وسائل الإعلام والجامعات الضوء على فتور العلاقات الأميركية الإسرائيلية في عهد باراك أوباما ويشدّدون على أن واشنطن أدركت مدى تكلفة دعمها لإسرائيل.
مع استعداد القيادة الإيرانية لإرسال أسطول سفن تابع للهلال الأحمر لكسر الحصار الإسرائيلي على غزة، تقوم أجهزتها الدعائية بنشر رسالة واحدة عبر العالم الإسلامي: الدولة اليهودية، التي يصفها الرئيس محمود أحمدي نجاد بـ"وصمة العار الصهيونية"، تتجه نجو الهلاك المحتم.بخصوص هذه المساعدات، يقول أحد الناطقين باسم وزارة الخارجية الإيرانية إنه "في حال استمرت هذه الحملة الرمزية، سيستسلم النظام الصهيوني في أكبر هزيمة يتعرض لها بلا شك".
نجح النظام الخميني في إيران على مر السنوات الثلاث الماضية في تغيير الرؤية التقليدية لإسرائيل، فبدل أن تكون العدو الذي لا يُقهر والذي ألحق هزيمة نكراء بالعرب في حرب الأيام الستة، باتت تُصوّر اليوم كقوة ذابلة، طائفة صغيرة وهشّة تواجه بعد خسارتها دعم حاميتها الجبارة، الولايات المتحدة، قوة عالم إسلامي منبعث بقيادة طهران.بُثّت هذه الرسالة عبر محطات التلفزيون الفضائية الإيرانية، مثل قناة "العالم" الإخبارية الناطقة بالعربية، كذلك تنشر طهران أعداداً لا تُحصى من المجلات والكتب التي تُوزّع مجاناً في أنحاء العالم الإسلامي. هذا ويُدعى محللون مسلمون بانتظام إلى إيران للمشاركة في ندوات عن الحملة المنادية باتحاد الإسلام وذلك لتسريع "نهاية إسرائيل المحتومة"، عبارة تستخدمها وسائل الإعلام الرسمية في إيران مراراً وتكراراً. يُشار إلى أن أحمدي نجاد زار أكثر من عشرة بلدان إسلامية للترويج لهذه الاستراتيجية الجديدة المعادية لإسرائيل.ولإبراز صورة إسرائيل الجديدة هذه، استبدلت الآلة الدعائية في طهران مشاهد الفلسطينيين الفقراء المقموعين على يد الصهاينة بأخرى تظهر ترسانة الصواريخ المتنامية التي جمعها "حزب الله" في لبنان و"حماس" في غزّة لشن ما يدعوه الرئيس أحمدي نجاد "الهجوم الأخير على الدولة الصهيونية". في المقابل، تظهر اليهود كجبناء بعد أن صُوّروا في السابق كهجوميين ومسيطرين. هذا ويدّعي الملالي في خطب يوم الجمعة في إيران بأن "اليهودي يهرب ما إن يرى دماً" فضلاً عن أمور أخرى مماثلة.من ناحية أخرى، يسلّط الناطقون باسم النظام الإيراني في وسائل الإعلام والجامعات الضوء على فتور العلاقات الأميركية الإسرائيلية في عهد باراك أوباما ويشدّدون على أن واشنطن أدركت مدى تكلفة دعمها لإسرائيل. ولعل طهران حققت نجاحاً دبلوماسياً باهراً الشهر الفائت وذلك حين فشل مؤتمر للأمم المتحدة، دعا إليه الرئيس أوباما لوضع العالم على مسار نزع الأسلحة النووية، في دعوة إيران إلى وقف برنامجها النووي. في المقابل، دعا إلى شرق أوسط خال من الأسلحة النووية، جامعاً بذلك بين أسلحة إسرائيل النووية المزعومة وبرنامج إيران المثير للجدل.فضلاً عن ذلك، نجحت طهران في جر بلدان غير عربية، لاسيما تركيا، حليفة سابقة لإسرائيل، وماليزيا إلى الصراع مع إسرائيل وتعمل راهنا على بلدان أخرى، لا سيما باكستان وإندونيسيا، على أمل تشكيل جبهة من اتحاد الإسلام. يُذكَر أن رئيس الوزراء التركي زار إيران الشهر الفائت لعقد اتّفاق نووي. تملك طهران أسباباً أخرى للشعور بالرضا عن استراتيجية المواجهة التي وضعتها، فقد أنهت محادثات السلام بين إسرائيل وسورية عبر التهديد بسحب دعمها الاقتصادي الضخم لنظام الرئيس الأسد الذي يزداد هشاشةً. هذا وأجبر تنمّر طهران قطر وعمان والإمارات العربية المتحدة على وقف تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.على صعيد آخر، يبدو القرار الذي اتخذته مصر الأسبوع الفائت برفع حصارها عن غزة، بالنسبة إلى طهران، مثالاً آخر على قدرة الرأي العام المسلم على تحقيق "انتصارات ضد العدو الصهيوني". يتمثل هدف طهران المباشر على ما يبدو في قيادة حملة دولية لرفع الحصار الإسرائيلي، والتي إذا تحققت، ستشكّل دليلاً آخر على أن التاريخ يرتد على الدولة اليهودية. وهكذا يسمح الاضطلاع بدور بارز في الصراع مع إسرائيل بتحقيق ثلاثة مكاسب أساسية: أولاً، يساعد على صرف الانتباه عن المشاكل المحلية التي يعانيها النظام الخميني. في هذا الإطار، تنوي أحزاب المعارضة في الأسبوع المقبل تنفيذ مظاهرات حاشدة تدعو إلى وضع حد لما تصفه بـ"الحكم الاستبدادي"، لذلك يأمل النظام إظهار المعارضين كـ"أعداء للإسلام المنبعث" وذلك عبر تصوير أسطوله الجهادي، وهو يتحدى "العدو الصهيوني".ثانياً، ستساعد حملة "نهاية إسرائيل" الأغلبية السُنيّة من المسلمين على نسيان أن إيران دولة شيعية بشكل أساسي وبالتالي منشقة وغير مؤهّلة للمطالبة بقيادة الأمة الإسلامية.وأخيراً، ستمكّن استراتيجية طهران هذه الأخيرة من تصوير أي صدام عسكري مع الولايات المتحدة، بشأن العراق مثلاً، كأحد عواقب حملة الجمهورية الإسلامية ضد إسرائيل وليس نتيجةً لسياستها الخارجية الاستفزازية عن عمد والمغامرة.في النهاية، يبدو النظام الخميني عازماً على دفع المنطقة إلى حافة حرب، وربما إلى أبعد من ذلك، لاقتناعه بأن أعداءه المحتملين ضعفاء ومترددون.* أمير طاهري | Amir Taheri ، مؤلّف كتاب The Persian Night: Iran under the Khomeinist Revolution.