اللهم اشملنا بتناقضه
نقاط اختلافي مع توجهات الناشط الديني نبيل العوضي لا تحصى، وهناك الكثير مما يمكنني انتقاده في كل مقال وظهور إعلامي له، ولكني اتخذت قراراً منذ فترة بعدم التطرق إليه تجنباً للدخول في جدالات عقيمة معه لسبب أنه يرفض التحلي بأبسط آداب الحوار الصحفي، كذكر اسم الطرف الذي يحاوره ويكتفي باللمز والتنابز بالألقاب، وهذا ما حدث معي مرتين على الأقل عندما تعرض لي في مقاله وبرنامجه من دون أن يذكر اسمي ليحرم الجمهور من إمكانية الرجوع إلى مقالاتي كاملة، ليبني حكمه بدلاً من الاكتفاء بما ينقله العوضي منها قصاً ولصقاً.أما اليوم، فأخالف قراري لأني أتفق معه على أهمية ما طرحه في مقاله وبرنامجه هذا الأسبوع عن الأفلام الكارتونية الموجهة إلى الأطفال، ولو كان اتفاقاً لن يخلو من الانتقاد، فهو اتفاق على أساس الموضوع وليس أسلوب عرضه بالقص واللصق والتهويل والترهيب الذي يمتاز به العوضي. كما أتطرق إلى الموضوع لإيماني بأنه جزء من أزمة أخلاقية أكبر أرى العوضي أحد صانعيها.
تسود الفوضى سوق الأفلام الكارتونية وألعاب الفيديو في الكويت، فلا تصنيف للمواد حسب العمر، ورقابة الجهات الرسمية على المواد المقرصنة غائبة، ما يباع منها في المحال أو البسطات غير المرخصة، ورقابة الأسر على أبنائها غائبة أيضاً، لذلك فإن ما طرحه العوضي عن خطورة ما تحمله تلك الأفلام من عنف وابتذال مستحق من جميع النواحي. ولكن ليت العوضي بدأ بنفسه أولاً، فما يحاربه في هذه الأفلام لا يختلف عما تبثه مقالاته وبرنامجه من مفاهيم غير أخلاقية كالتزمت والكراهية وازدراء معتقدات الآخرين وحضاراتهم وتحقير من يخالفه الرأي، فغرس هذا النفس المنفر في الجمهور والأطفال خصوصاً لن يزيدهم إلا انغلاقاً وعزلة عن العالم، بالإضافة إلى انعدام الآداب المهنية والأخلاقية في عرضه صور ضحايا الحروب والكوارث بمن فيهم الأطفال، فهذا عنف وذاك عنف لا يختلفان، وما يكرسه عرضها من ازدراء لكرامة جسد الإنسان وروحه بجعلهما فرجة. وفي نطاق الموضوع نفسه ليت العوضي يلتفت إلى التناقض الذي يعيشه، فهو متشدد وحازم وصارم في كل شيء ما عدا جريدة وتلفزيون «الوطن» اللذين يعمل فيهما، ويتسامح مع ما يعرض عليهما، وهو تسامح محمود أسأل الله أن يديمه عليه ويوسع مداركه ليتعدى حدود «الوطن» ويشملنا، ففي الحلقة ذاتها أثارت المتصلة «روابي» بصراحة ما يحمله كارتون «بونبيل وبوقتادة» من ازدراء لفئات المجتمع وسخرية من الجاليات، وأجاب العوضي بأنه موجه إلى الكبار، وهي إجابة مردود عليها، حيث شخصيات الكارتون موجودة في مهرجانات الأطفال التي تشارك بها «الوطن،» وللأمانة فإن العوضي لم يكابر وأمر بتجهيز حلقة عن ابتذال برامج «الوطن»، وننتظر تنفيذ ذلك بنفس الحدة والتهويل والقص واللصق الذي عودنا عليه.Dessert ما دمنا في الحديث عن التناقض، أتمنى أيضاً أن يشملنا العوضي بتسامحه الانتقائي الذي يجعله يتغاضى عن الموسيقى في برنامجه، ويغض الطرف عن أزياء المغنيات في حفلات «الوطن»، ويجعله لا يمانع اعتلاء مسرح المؤتمر الصحفي مع متعهدي تلك الحفلات للترويج للمهرجان. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة