هل ستنطق المدافع؟!
يسود اعتقاد يلامس اليقين بأن هذا الاحتقان، الذي تعيشه المنطقة، قد يلد حرباً ستكون إلى جانبها حرب عام 2006 وحرب غزة اللاحقة، مجرد مناورة بالذخيرة الحية، فتعاظم مأزق القدرات النووية الإيرانية، وخصوصا إن جرى فرض عقوبات جديدة على إيران، سيفجر كل هذه الحقول من الألغام، وسيدخل الشرق الأوسط في مواجهات عسكرية قد تستوجب ظهور أسلحة الدمار الشامل في منطقة قابلة للاشتعال حتى بعود ثقاب صغير.
ربما لا خلاف إطلاقاً على أن كل هذا التراشق الكلامي "والحرب أولها الكلام" بين سورية وإسرائيل هو ارتداد لزلزال القدرات النووية الإيرانية الذي يتجه نحو محطة العقوبات الموجعة والمؤلمة، فالظاهر أن دمشق تتوقع رد فعل إيرانياً غير عادي سيعقبه حتماً رد فعل إسرائيلي غير عادي أيضاً، مما قد يؤدي إلى ما هو أكثر من مجرد التسخين بالكلام على جبهة الجولان السورية. وتشير التقديرات إلى أن إيران ستواجه فرض عقوبات مغلَّظة عليها بدفع المنطقة إلى أتون حرب جديدة، وعلى أساس: "عليَّ وعلى أعدائي"، والمتوقع هنا أن يبادر حزب الله إلى فتح جبهة الجنوب اللبناني بصواريخه ومدافعه مجدداً، مما سيدفع إسرائيل حتماً إلى فتح جبهة الجولان، وهذا إن حدث فعلاً فإن الشرق الأوسط سيستقبل حرباً مختلفة عن الحروب السابقة، ستكون ساحتها مترامية الأطراف، من جبال "هنديكوش" في أفغانستان حتى الخليج وصعْدة في اليمن وغزة في الخاصرة الشمالية لمصر. هناك الآن تحرك إيراني عنوانه التصريحات التي أطلقها أخيراً وزير خارجية إيران منوشهر متكي، التي ضمَّنها ما يبدو أنه محاولة للتهدئة، مع أن هدفها الحقيقي هو تصديع جبهة الساعين إلى عقوبات مغلظة ضد بلاده، لكن الواضح أن الولايات المتحدة ومعها دول الاتحاد الأوروبي وروسيا ماضية في اتجاه مثل هذه العقوبات، الأمر الذي سيجعل إيران ملزمة بالهروب إلى الأمام، وسيجعلها توعز إلى حزب الله لفتح جبهة الجنوب اللبناني. وهنا فإن ما يجب أن يقال هو انه على العرب المعنيين أن يدركوا أن هذه الحرب، التي يجري التلويح بها، إن انفجرت فعلاً فإنها ستكون مدمرة بالفعل، وأن الولايات المتحدة ستكون مضطرة إلى دخول ساحتها، وهذا يفرض على هؤلاء أن يتحلوا بالمزيد من الحذر، وأن يتجنبوا إقحام بلدانهم وشعوبهم في مواجهة تريدها إيران، ليس لتحرير فلسطين ولا استعادة الجولان وما بقي محتلاً من الجنوب اللبناني، وإنما للخروج من مأزقها وفقاً لمقولة: "عليَّ وعلى أعدائي"... فهل ستنطق المدافع يا ترى؟! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة