لا تبخلوا بكلمة!

نشر في 27-10-2009
آخر تحديث 27-10-2009 | 00:00
 حمد نايف العنزي كثيرا ما تخرج الكلمات من أفواهنا دون أن ندرك تأثيرها على متلقيها، لأننا نقولها دون قصد في كثير من الأحيان، رغم أن الكلمات تكون أحيانا أشد وقعا من السيوف وأكثر إيلاما من السياط، وفي أحيان أخرى أكثر حناناً من الأم على طفلها، وكم من كلمة قيلت بشكل عابر أيقظت الهمة في النفوس وكانت سببا في النجاح والسعادة! وكم من كلمة قيلت دون قصد قتلت العزيمة والثقة بالنفس وكانت سببا في اليأس والفشل!

وللكلمات كما للبشر أعمار، فبعضها عمرها قصير تموت بعد لحظات، وبعضها تدوم إلى الأبد لأن أثرها وتأثيرها على متلقيها مستمر لا ينتهي.

«إتسوكو سايكي» سيدة يابانية كانت تحلم وهي في مرحلة المراهقة بأن تزور الولايات المتحدة الأميركية، وقد أمضت الكثير من الوقت في اكتساب المعلومات عن نمط الحياة هناك من خلال قراءة الكتب المتخصصة بذلك، تقول «إتسوكو»: كنت أتخيل صورة الأسرة الأميركية على النحو التالي: أب قاعد في غرفة الجلوس، وأم تخبز الكعك، وقد خرجت ابنتهما المراهقة إلى السينما مع أصدقائها!

انتسبت «إتسوكو» بعد وقت لجامعة كالفورنيا، لكنها لم تجد يوم وصولها إلى الولايات المتحدة عالم الأحلام الذي كانت تتخيله، تقول: كان الناس يصارعون المشاكل، وتبدو عليهم علامات التوتر والقلق في معظم الأحيان، وبدا لي أن كلا منهم لاهٍ بهمه ولا وقت لديه للآخرين... وشعرت بوحدة طاغية!

وكانت الرياضة البدنية إحدى أصعب المواد التي صادفتها إتسوكو، تقول: «كنا نمارس رياضة الكرة الطائرة، وقد أجادتها كل زميلاتي ما عداي أنا، فلم أبرع فيها أبدا، ولم أعرف لذلك سببا»!

وفي مرة من المرات أوكل المدرب لها ضرب الكرة إلى زميلاتها في الفريق لكي يقذفنها أعلى الشبكة، لم تكن هذه المهمة صعبة لمعظم الناس، لكنها أثارت الذعر والخوف في قلب إتسوكو التي كانت تخشى في ذلك الوقت الفشل والشعور بالخزي، وأحست فتاة في فريقها بما تشعر به، فمشت إليها وهمست في أذنها وهي تشجعها: «هيا... تعرفين أنك قادرة على القيام بذلك»!

تقول «إتسوكو»: لا يمكن لأحد أن يتصور كم أثرت فيّ كلمات التشجيع هذه، إنها خمس كلمات فقط «تعرفين أنك قادرة على القيام بذلك» لقد كدت أن أبكي آنذاك تعبيرا عن فرحي بسماعها!

نجحت إتسوكو في مهمتها ذلك اليوم وأصبحت من أفضل اللاعبات في كرة الطائرة، وبعد ستة أعوام عادت إلى اليابان لتعمل بوظيفة مرموقة بأحد المتاجر الكبيرة وهي تقول: لم أنس أبدا تلك الكلمات، إنني أفكر فيها كلما ساءت أموري وكثرت مشاكلي، حيث أستلهم منها القوة لتجاوز أي عقبة تقف في طريقي!

وهي متأكدة من أن تلك الفتاة التي شجعتها في ذلك اليوم لا تدرك أثر ما صنعته كلماتها التي نطقتها بعفوية على حياتها، بل إنها ربما لا تتذكر تلك الحادثة بالمرة!

لكن الأمر فيه عبرة ودرس، فالكلمات التي نقولها دون وعي في كثير من الأحيان ترافق سامعها إلى درجة لا يمكن تخيلها سواء كانت قاسية أم لطيفة، وها هي إتسوكو رغم مرور العديد من السنوات لاتزال ترن في أذنها هذه الكلمات «تعرفين أنك قادرة على القيام بذلك»!

فلنحاول أن ننتقي من الكلمات الطيبة ما يرفع المعنويات، ويحفز الهمم، ويدفع الإنسان ليقدم أفضل ما عنده، ولنقلها لكل من هم حولنا من الأصدقاء والأحباء والأقرباء، ولنبتعد عن قول ما يجرحهم ويثبط هممهم ويكرههم بالحياة والناس، صباحكم فل... ويومكم جميل ورائع!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top