لم يكن الطريق إلى الدستور محفوفاً بالورود، بل كان الوصول إليه عبر طرق وعرة، ومطبات بعضها صناعي وبعضها غير ذلك.
ومع أن أغلبية مواد الدستور قد فاتت دون مشاكل داخل لجنة الدستور، فإن بعض القضايا كان الخلاف حولها محتدماً، وهي في مجملها القضايا التي تتعامل مع اتخاذ القرار والأغلبية. من تلك القضايا الخلافية، مثلاً، هل هناك حاجة إلى استقالة الحكومة بعد كل فصل تشريعي؟ وهل تتشكل الحكومة من بين النواب المنتخبين أم كلهم معينون؟ وهل يصبح الوزراء المعينون أعضاء في مجلس الأمة؟ وهل يصوت الوزراء على طرح الثقة؟ وهل يتم التصويت بأغلبية بسيطة أم بأغلبية الثلثين؟ لم يكن الخروج من ذلك المأزق سهلا، فالشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، ممثل الأسرة الحاكمة في لجنة الدستور كان مصرّاً على تقييد صلاحيات المجلس، وفي المقابل كان أغلبية اعضاء اللجنة ومن ورائهم التيار الوطني الإصلاحي يدفعون إلى مزيد من الانفتاح.النتيجة النهائية كانت حلا وسطا، فلم يحصل طرفا التفاوض على كل ما أرادا، ولربما كان للشيخ عبدالله السالم، رحمه الله، دور أساسي في التوصل إلى ما يمكن وصفه بالحد الأدنى.ذلك الحد الأدنى الذي يفترض ألا يتم فتح ملفه إلا نحو مزيد من الحريات والصلاحيات للشعب، يبدو أنه كان مصدر قلق شديد لبعض الأطراف في الأسرة. فما أن توفي عبدالله السالم حتى تم تزوير أول انتخابات نيابية في 1967، كما تم تعيين لجنة تنقيح الدستور سنة 1980 وقدمت الحكومة لها مشروعا في هذا الإطار، والذي بلغ من شدة تعديه على الدستور مبلغا حتى أن اللجنة المعينة من قبل الحكومة رفضته، ولم تتوقف المحاولات فتم تعديل الدوائر الانتخابية إلى 25 دائرة انتخابية للحصول على نوعية معينة من النواب، ومن ثَمّ تقدمت الحكومة مرة اخرى بمشروعها إلى مجلس 1981، ومع ان أغلبية نواب ذلك المجلس كانوا مع الحكومة، فإن عدداً قليلاً من النواب تمكن من إرغام الحكومة على سحب مشروعها المشوَّه والمشوِّه للدستور.واستمرت المحاولات، حيث تمخض الجبل فولد فأراً مشوَّها، اسمه المجلس الوطني سنة 1990، والذي عقدت جلساته بفترة قصيرة جدا قبل غزو الثاني من أغسطس 1990.تلك هي الحكاية المريرة في تاريخ الرغبة في الانقضاض على الدستور والإجهاز عليه، ويبدو أن مَعين تلك المحاولات لم ينضب، وأن الطروحات الجديدة التي تدعو إلى تعديل الدستور، مهما جرى لها من محاولات تجميل، هي ليست إلا صيغة جديدة في تلك السلسلة البغيضة في محاولات القضاء على الدستور، أو إفراغه من محتواه، أو تقويض صيغة الحد الأدنى، بفأس حكومية وأياد نيابية، وهو ليس بأمر جديد. اللهم احفظ الكويت وشعبها ودستورها من كل مكروه. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
أخر كلام
زمن عبدالله السالم تعديل الدستور
14-12-2009