الواضح أن أسلوب «الولد المشاغب» الذي تتبعه إيران هو الأسلوب الملائم للتعاطي مع الولايات المتحدة وسياساتها في المنطقة، فاختطاف العراق وبعده أفغانستان وتعليق الأوضاع في لبنان وفلسطين، ولاحقاً في اليمن، على غصن شجرة مرتفعة قد أجبر الأميركيين، رغم أنوفهم، على مدِّ يد التفاهم، مفتوحة حتى أقصى الحدود، مع نظام يتربع على قمة هرمه محمود أحمدي نجاد، الذي لم تعد الأكثرية الإيرانية تطيقه أو تطيق نظامه وتصرفاته.

Ad

منذ البداية لجأت إيران إلى أسلوب الشقيِّ المشاغب في التعامل مع الاحتلال الأميركي للعراق لفرض «أجندتها» في المنطقة على الولايات المتحدة، وهي لم تتورع عن ارتكاب أبشع الأفعال الإجرامية التي ألحقت الدمار والخراب بالعديد من المدن والقرى العراقية، وتسببت في ويلات لا تُحْتَمل للشعب العراقي من أجل تحقيق هذا الهدف، ولهذا فإنه لا ضير في أن تتواصل أعمال إزهاق أرواح العراقيين وسحق جماجم أطفالهم مادامت الغاية تبرر الوسيلة.

عندما تقول طهران إنها ترى «بداية تغيُّر» في موقف واشنطن حيالها، وعندما تعزو هذا التغيُّر إلى إدراك الولايات المتحدة أن إيران هي «أهم دولة في أهم منطقة في العالم»، والمقصود منطقة الشرق الأوسط، فإن هذا يدل على قناعتها الراسخة بفعالية أسلوب «الغاية تبرر الوسيلة» الذي تعاطته مع الأميركيين لإجبارهم على الرضوخ لمشيئتها في العراق وفي لبنان وفي فلسطين والآن في أفغانستان واليمن.

بالضبط كشقيٍّ أو مغامر أو إرهابي يلجأ إلى اختطاف طائرة ويتنقل بها، غير آبهٍ بما يتعرض له ركابها الأبرياء، من مطار لآخر، ومن قارة لأخرى لفرض شروطه على دولة أو جهة لا تملك هذه الطائرة، وليس لها أي علاقة بها، وسواء كانت هذه الشروط إطلاق سراح سجناء أو دفع فدية مالية.

ما هو ذنب الشعب العراقي ليذبح ويدمَّر بهذه الطرق الوحشية من أجل أن تُلزم إيران الولايات المتحدة بالاعتراف بها كأهم رقم في معادلة هذه المنطقة؟ وما هو ذنب الشعب الأفغاني لتعيد طهران إليه حركة «طالبان» وإن في هيئة غُلْب الدين حكمتيار من أجل إجبار أميركا على الاعتراف بأن دولة محمود أحمدي نجاد هي أهم دولة في أهم منطقة في العالم، وهذا ينطبق على لبنان وعلى اليمن وعلى الفلسطينيين الذين جرى تمزيقهم على هذا النحو، وجرى تشتيت شملهم لأن الغاية بالنسبة للجمهورية الإسلامية تبرر الوسيلة، ولأنه لا بأس في أن تُذْبح غزة من الوريد إلى الوريد، مادام هذا يفرض طهران فرضاً على أميركا وعلى الغرب كله.

إنه غير جائز على الإطلاق أن ترضخ واشنطن لسياسة «الغاية تبرر الوسيلة» التي تمارسها طهران في العراق وفي أفغانستان وفي فلسطين وفي لبنان واليمن، فالمفترض أن الولايات المتحدة دولة قِيَمٍ ودولة حقوق إنسان لا تستجيب للعبة المقامرة بأرواح العراقيين وغير العراقيين والاعتراف بإيران كدولة في أهم منطقة في العالم، وتقدم لها التنازلات على هذا الأساس.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء