المحرقة قادمة يا د. موضي!


نشر في 27-08-2009
آخر تحديث 27-08-2009 | 00:01
 د. ساجد العبدلي يعلم العقلاء أن موضوع تأجيل بداية العام الدراسي لأجل «انفلونزا الخنازير»، ليس أمراً سهلاً كما يحاول البعض أن يصوره، لأنه ليس قراراً سلساً تتخذه وزيرة التربية د. موضي الحمود، فلا تبدأ الدراسة في سبتمبر وتبدأ في ديسمبر على سبيل المثال فحسب، بل هو أعقد من ذلك بكثير!

إن تأجيل بداية العام الدراسي يعني تغييراً شاملاً لكل خطط وزارة التربية، وقبل أن يظن أحدكم أني أعتقد أن هناك خططاً بالمعنى الحقيقي للكلمة في وزارة التربية، سأبادر لأقول إني أدرك تماماً أنها ذات الخطط التي وضعت منذ عهد بعيد، ولاتزال تكرر عاماً بعد عام بتغييرات طفيفة لا تمس الجوهر، فتتعرض لذلك تماماً لما تتعرض له مباني الوزارة نفسها من عوامل التعرية و»التجوية» فتترنح وتتهالك وتشيخ فتُرقع هنا وتُجبَّر هناك وتُحقن مرة في الوريد وأخرى في العضل وثالثة تحت الجلد، وبالتالي فإن تغييرها هو بمنزلة إخراج لقطار عن خط كان يسير فيه منذ الأزل ولا يعرف غيره، واحتمال أن يعرضه ذلك إلى الانقلاب أو الاصطدام هو أمر أقرب إلى التأكيد منه إلى أي شيء آخر!

هل تعرفون لماذا تستميت وزارة التربية دون تأجيل العام الدارسي، سواء هذه المرة، أو في كل مرة لأي سبب آخر؟

السبب بسيط، وهو أن تأجيل بداية العام الدراسي لا يعني بأن نهاية العام الدراسي سيتم ترحيلها أيضاً، وإلا فستكون دوامة لن تنتهي، بل هو يعني ضغط المناهج لتنتهي في نفس موعدها المقرر، وبالتالي جعل الطواقم التعليمية تعمل بأضعاف طاقتها وربما تغيير ساعات العمل، ويعني ذلك تغيير مواعيد الامتحانات وتغيير طبيعتها لتتوافق مع المناهج التي تم ضغطها، وتغيير مواعيد الأنشطة المدرسية والتعليمية أو إلغائها، والتحسب لموعد إجازة نصف العام، وغيرها من عشرات التغييرات التي ستحل بالشؤون التعليمية والإدارية الأخرى المرتبطة بهذا الأمر، فهل وزارة التربية في ظل الانكشاف الاستراتيجي والضعف الإداري الذي يدرك الجميع أنها تعانيه، وفي ظل معدلات الغياب العالية لمدرسيها، وبالأخص لمدرساتها الكويتيات ولا مؤاخذة، قادرة على التعامل مع وضع كبير طارئ معقد وشائك كهذا؟ طبعاً لا، ولا حتى في الأحلام!

لذا وبكل وضوح لا تغامر الوزارة، بل لا تفكر مطلقاً في تأجيل بداية العام الدراسي لأن القطار سيخرج عن خطه الذي كان يسير فيه «عميانياً» منذ عشرات السنين دون قيادة حقيقية!

وحتى ننصفها، فهي ليست شيئاً مختلفاً بالمناسبة، بل حالها في ذلك كحال أغلب، إن لم يكن كل وزارات ومؤسسات (وقطارات) الدولة السائرة على بركة ولطف الله منذ سنوات عجاف طويلات!

أكثر ما يؤلمني هو أن د. موضي الحمود، بحكم منصبها، هي التي على رأس هذا الأمر، وأنا أدرك أن ليس بيدها شيء في الحقيقة، فقرار التأجيل ليس عندها لأنها وزيرة جديدة من خارج الوزارة والخط الديناصوري القديم، والمعارض للتأجيل في وزارتها أكبر من طاقتها، لذلك يؤلمني أنها ستتحمل المسؤولية السياسية عما سينتج، فاحتمالات انتشار عدوى «إنفلونزا الخنازير» بين آلاف الطلبة الذين ستكتظ بهم المدارس خلال أيام معدودة هي احتمالات كبيرة جداً، واحتمالات الوفيات قائمة لطبيعة المرض، وحينها إن وقع ذلك، لا سمح الله، فستكون ضربة سياسية قاصمة لكل تاريخ د. موضي الحمود السياسي، حيث سيجد النواب الذين طالبوها بالتأجيل ولم تستجب لهم، في الأمر فرصة ذهبية لثأر وبطولة سياسيين كبيرين، وستعلق أعواد «مشنقة» الاستجواب كالعادة!

back to top