مقبرة يهدد السالمية... ودوريات الشرطة مختفية!
شهدت البلاد خلال الأيام القليلة الماضية حوادث أمنية عديدة ولافتة، لكنها في الوقت نفسه أصبحت شبه مكررة، حتى أضحت مادة للإثارة الصحافية على مدار العام دون أن تؤدي إلى تحرك أو أسلوب وقاية ومعالجة جديدين من الأجهزة الأمنية المعنية للتصدي لها ومنعها... ومن هذه الحوادث الأمنية:
- شقي وافد ملقب بــ»مقبرة» يروِّع أصحاب المحلات والمتسوقين في منطقة السالمية عن طريق السرقة بالإكراه والتعدي على المارة وأصحاب المحلات.- مُدرّسة كويتية متقاعدة تتم سرقة 48 ألف دينار حصيلة مكافأة نهاية الخدمة والاستبدال التقاعدي منها في منطقة الجهراء.- مستهتر يتحرش بفتاة كويتية في شارع الخليج العربي لمسافة طويلة ويقوم بمضايقتها بمركبته مما يؤدي إلى حادث مروع، تدخل على أثره الفتاة العناية المركزة في حالة حرجة.- خادمة فلبينية تتعرض للاعتداء ومحاولة خطفها في عز الظهيرة في الشارع العام بمنطقة الدعية.- شاب يقوم بحركات استعراضية بسيارته لمدة ساعة في منطقة ضاحية عبدالله السالم، تنتهي بفقدانه السيطرة عليها واقتحام ديوان النائب محمد المطير بسيارته. هذه بعض الحوادث الأمنية التي نشرت في الصحافة المحلية أخيراً، وكلها من الممارسات غير القانونية العلنية التي تحدث في الشارع العام، والتي يمكن تفاديها وردع مَن يقوم بها قبل أن يقدم عليها بواسطة رجال الشرطة المنوط بهم تطبيق القانون والعمل به لمنع وقوع الجريمة، ولكن العلة المزمنة التي تعانيها الكويت منذ سنوات طويلة هي غياب رجل الشرطة عن الشارع والأماكن العامة أو ندرة وجوده.وهنا قد يتعجب مَن يطالع هذه المعلومة، من أن الكويت تعتبر الدولة الوحيدة في العالم التي لا توجد فيها دوريات للشرطة راجلة في الأحياء السكنية والأسواق والأماكن العامة... ويغيب عنها ما نشاهده في جميع العواصم من رجال شرطة راجلين بهندام وقيافة ممتازة وتجهيزات شاملة يتجولون في الأسواق والأماكن العامة ليبثوا الأمن والطمأنينة لدى العامة، وهو ما كان موجوداً في الكويت في أسواق المباركية وحولي ومجمع النقرة والسالمية وشارع فهد السالم ومناطق أخرى عديدة، قبل ان تختفي الدوريات الراجلة في نهاية عقد الثمانينيات... كما ان وجود سيارات دوريات الشرطة حالياً في شوارع العاصمة وضواحيها هو أمر أضحى نادراً.وفي مقالات عدة سابقة لي استعرضت مشكلة غياب رجل الشرطة عن العمل الميداني منها مقالة «وشهد شاهد من الداخلية... على علتها» في الأول من أبريل الماضي، وكانت تتضمن اراءً مقتبسة لمتخصصين وأصحاب خبرات شرطية تشخص مواطن الخلل في العمل الأمني، وترجع سببه إلى غياب رجل الشرطة عن العمل الميداني. ولكن للأسف لم تتفاعل أو تعلق وزارة الداخلية على المقال والمعلومات التي وردت فيه، كما حدث أيضا مع مقال آخر بعنوان «مغامرة الصليبيخات... ومضمار الفورمولا!» التي نشرت في السادس من الشهر الماضي، والذي لقي المصير نفسه من التجاهل!ومع ما يحدث وما يدفعه المجتمع من ضحايا وخسائر بسبب غياب هيبة الدولة الممثلة في رجل الشرطة في الشارع، نرى المهازل والفواجع التي تلحق بأسرنا وأبنائنا وبناتنا، فهل يعقل أن يكون شارع الخليج العربي الذي يعتبر معلماً وشرياناً حيوياً في العاصمة بلا دوريات على مدار الساعة؟وهل يعقل أن تكون الأسواق والمجمعات التجارية في منطقة السالمية، التي تعتبر أهم وجهة ترفيهية وسياحية وتجارية في البلاد بلا وجود لرجال الشرطة لتصبح مرتعاً للأشقياء والبلطجية؟!ما يحدث في الشارع الكويتي من مظاهر الانفلات والاعتداء على حقوق الآخرين تعدت مرحلة الظاهرة لتصبح حالة على الأرض يلمسها المواطن والمقيم والزائر... فمتى ستعيها أجهزة وزارة الداخلية وتتحرك لتعيد رجالها إلى مواقع الواجب الحقيقية الميدانية وتخرج من خلف المكاتب؟