مرض التصلب العصبي أو ما يعرف بالـMS يعتبر من الأمراض النادرة والفتاكة التي تحمل معها الموت البطيء بدءاً من الضعف العام وشلّ الأطراف الرئيسة وتعطيل وظائف الجسم الحيوية وانتهاء بتلف المخ.
وهذا المرض النادر عادة ما ينتشر في النصف الشمالي من الكرة الأرضية والمناطق الشديدة البرودة إضافة إلى الفئات العمرية الكبيرة وبنسبة ضئيلة جدا، ولكن هذا الداء الخبيث اختار الكويت كحالة استثنائية، وسبحان الله رغم شدة الحرارة أصاب الأطفال والشباب وبمعدلات عالية تفوق النسب الطبيعية. وعلى الرغم من وجود مؤشرات علمية عدة بأن مرض التصلب العصبي والعديد من أمراض السرطان هي نتاج العدوان العراقي ونوعية الأسلحة المشعة التي استخدمت في حرب عاصفة الصحراء، فإن الحكومة لم تجرؤ لحد الآن على كشف مثل هذه الحقائق، بل أيضاً أهملت عن عمد الإجابة عن العديد من الأسئلة البرلمانية في هذا الخصوص.وتبقى الضحية كالعادة مجموعة من المواطنين ممن لا حول لهم ولا قوة ولا ظهر أو سند تصارع الألم والعذاب أمام مكابرة وزارة الصحة التي منعت في السنوات الأخيرة حتى العلاج في الداخل بسبب صراع المدارس الطبية من جهة، والتنافس بين المستشفيات من جهة أخرى، إضافة إلى العناد غير المبرر والمجرد من الحس الإنساني لإدارة العلاج بالخارج لإنقاذ أرواح هؤلاء المواطنين أو على أقل تقدير إشعارهم بكرامتهم كبشر واهتمام الدولة بهم كضحايا حرب وإرسالهم للعلاج بالخارج. وإذا كانت حجة الوزارة بالكلفة المالية فهذا عذر أقبح من الكثير من ذنوبها، فهناك مصادر مالية لا تُحمّل الدولة فلساً واحداً وليست حتى من إيرادات النفط أو المال العام، ومن هذه المصادر المالية عوائد أرباح الشركات الأجنبية، أو ما يعرف (بالأوفست) المقدرة بمئات الملايين من الدنانير، وكذلك التعويضات البيئية المقررة من الأمم المتحدة والتي تصل إلى عدة مليارات من الدنانير. وإذا كنا في دولة الكويت قد فقدنا المبادرات الإنسانية منذ فترة طويلة خصوصا بالنسبة للكويتيين، في وقت لاتزال مشاريعنا الخيرية بشقيّها الحكومي والشعبي تغطي بقاع العالم، فإن التصرف اللائق مع هذه الشريحة من مرضى التصلب العصبي من شأنه أن يعيد الأمل في نفوس هذا الشعب الذي لم يمر عليه يوم على مدى السنوات القليلة الماضية إلا وأصيب بخيبة الأمل والإحباط والغضب.والنصيحة التي قد تكون قاسية ولكنها صادقة وبلا رتوش للأخ وزير الصحة هي أن يمتلك روح المسؤولية ليس كسياسي أو قيادي في الدولة أو كونه عضواً في مجلس الوزراء، وإنما كطبيب ويبادر فورا إلى اتخاذ قرار شجاع وفوري بإيفاد هؤلاء المرضى للعلاج في أرقى المراكز الطبية العالمية قبل أن يتحول هذا الملف إلى ورقة سياسية يتاجر بها من يتاجر لخلق البطولات على حساب ألم ومعاناة ضحايا هذا المرض، والعذاب النفسي لأهلهم وذويهم، أو تعرض البلد إلى أزمة سياسية أخرى يكون الخاسر الوحيد فيها هم مرضى التصلب العصبي. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
حتى لا نتاجر بالمرضى!
09-04-2010