خلص المتابعون الحقوقيون لمسار الجلسة العلنية التي عقدتها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي بعد ظهر أمس الأول، للنظر في طلب المدير العام السابق للأمن العام اللواء المتقاعد جميل السيد الحصول على بعض مستندات التحقيق الموجودة في جعبة المدعي العام دانيال بلمار وفريقه، بما يمكنه من الادعاء على من يصفهم بشهود الزور الذين تسببوا في توقيفه نحو أربع سنوات، إلى أنه بمعزل عن تركيز فريق المدعي العام على الشكليات المتعلقة باختصاص المحكمة وصفة السيد في طلب الاطلاع على وثائق من ملفات التحقيق، فإن "خسارة" السيد ومحاميه هذه الجولة، ولو بصورة موقتة، جاءت على خلفية القاعدة القانونية المعتمدة التي تؤكد "سرية التحقيق وعلنية المحاكمة".
وتوضح مصادر حقوقية بارزة أن ما يطالب به اللواء المتقاعد جميل السيد ووكيله أكرم عازوري، يعتبر مسألة سابقة لأوانها زمنيا، ذلك أن مناقشة الوثائق لا تتم في مرحلة التحقيقات بل في مرحلة المحاكمة، وبالتالي فإنه لا يحق لا للمتهم، ولا للشاهد، ولا لأيٍّ كان الاطلاع على أيٍّ من التحقيقات في المسائل الجنائية قبل انتهاء التحقيق وصدور القرار الظني أو الاتهامي، لأن الاطلاع على وثائق التحقيق قد يساعد المتهمين أو المشبوهين على الإفلات من الملاحقات من خلال التعرف على مسار التحقيق ومضمونه.في المقابل، فإن الاطلاع على كامل موجودات الملف تصبح حقوقا مكتسبة للمتقاضين مع بداية المحاكمات، لأن المدعي العام يفترض أن يكون قد استجمع كل ما لديه وعرضه على المحكمة، وبالتالي فإنه من حق الدفاع مناقشة كل تفصيل من التفاصيل المتعلقة بالمستندات أو القرائن وأدلة الاثبات، لتتمكن المحكمة من التعرف على وجهتَي النظر واتخاذ القرار الحاسم في شأنهما.وفي اعتقاد الجهات الحقوقية المعنية، فإن ما صدر عن قاضي ما قبل المحاكمة فرانسين لناحية إرجاء لفظ الحكم في طلب السيد الى سبتمبر المقبل، يرجح صحة المعلومات التي تم التداول بها في أكثر من مناسبة عن قرب موعد صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه.وتشير هذه الجهات الى أن القراءة المنطقية التي لا تستند الى معلومات محددة بل الى تحليلات منطقية، تشير الى أن القاضي فرانسين أراد من قراره عدم إقفال الباب على اللواء السيد للحصول على ما يرغب في الحصول عليه من خلال البت بالناحية المتعلقة بالشكل وصلاحية المحكمة، وصفة طالب الحصول على الوثائق، لذلك فهو احترم في قراره تأجيل الحكم الى سبتمبر رغبة الادعاء العام ومصلحة التحقيق في عدم تسريب أيٍّ من مستنداته الى أي جهة كانت من جهة، كما احترم رغبة اللواء السيد ووكيله في الحصول على الوثائق الخاصة بإفادات الشهود.وترى الجهات الحقوقية أنه مع صدور القرار الاتهامي لا تعود هناك وثائق سرية، لأنها ستوضع كلها قيد المناقشة، وعندها يمكن للواء السيد استخدامها بما يتناسب مع مصلحته.وتخلص الجهات الحقوقية الى الاستنتاج بأن موعد سبتمبر للبت بطلب اللواء السيد، ربما يكون مرتبطا ضمنا بالموعد المرتقب لصدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الحريري، وأن جلسة الثلاثاء كانت "بروفه" لآلية عمل المحكمة الدولية، وقد أرادها القيّمون عليها اختبارا علنيا لصدقيتها وشفافيتها ونموذجا عن حياديتها يطرح أمام الرأي العام اللبناني والدولي، قطعا للطريق أمام أيِّ محاولات لاستهدافها واستهداف عملها في المستقبل القريب.
آخر الأخبار
«محكمة الحريري» تمسكت بقاعدة «سرية التحقيق وعلنية المحاكمة»
15-07-2010