ما بعد عسكرة الدشاديش
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
إلامَ انتهينا اليوم؟ تم قتل الفن بدم بارد في الدولة وكتب الطبخ والعفاريت تملأ مكتبات معارض الكتاب كل عام، وبرامج تفسير الأحلام تتزاحم في محطات الاستهلاك التجارية، وقبلها محطات تلفزيونات الحكومة، وبدلاً من المسرح الجاد ضجت أراضينا بمولات الشراء والفاست فود، وبدلاً من إحياء الفرحة والبهجة الغائبتين وتوطين الثقافة العلمية وتنمية العقلانية تم إحياء حفلات المزايدات الدينية من قِبَل تجار البركة في القطاع الخاص، وهؤلاء هم تجارنا ورثة السندباد بجلبابه القصير ولحيته الممتدة... فلم يعد الأمر قاصراً على حفلات حفظ القرآن التي يرعاها كبار المسؤولين في الدولة ومؤسسات الوكالات التجارية، بل صار لدينا هذا الخليط العجيب عندما ينادى للأذان بمكبرات الصوت في "مول" متضخم بحداثة شكلية تضج ردهاته بالبنطلونات الضيقة وببنات الحجاب وقد غطين وجوههن بطبقة سميكة من المكياج الغربي! هذا التشويه وتلك القباحة في بلد أضاع مشيته، أضحيا من "المسائل" الجانبية عند التقدميين، هي سنة التخلف أو التقدم! لا فرق بين الاثنين... ولا يهم وصفها... قالوا بأن قضايا المال العام هي قضيتنا الأولى والأخيرة، ولا شيء بعدها ولا قبلها...! ووصل الأمر إلى أن يكتب عبداللطيف الدعيج مصرحاً بكفره بقضايا المال العام على حساب الحريات الفردية! قضيتنا - إذا فهمنا واجبنا الوطني - هي النضال على جبهتين، لا لجبهة على حساب أخرى، فعلينا محاربة الفساد المعشش في ردهات الدولة بلا استثناء، وقضيتنا الموازية لها اسمها الحريات والحداثة، ولا تنازل عن واحدة مقابل الأخرى، ولا مراهنة على عربة السلطة اليوم حين نشعر بضعفنا كأقلية، ولا بد من عون حبال السلطة. ولننتهِ من حديث الأغلبية الصامتة كما يحلو للزميل إبراهيم المليفي أن يعنون مقالاته باسمها... فأي فائدة لهذه "الأغلبية" إذا كانت خرساء لا تنطق ولا تصدر صوتاً؟! لنكن أقلية تؤمن بالحرية بكل معاني حرية الكلمة كركن أصيل للحرية السياسية مع نضال لا يكل من أجل بقية الحريات الاجتماعية الغائبة عن الجسد الكويتي وهي قوام معنى الوجود الإنساني.