آمال ساحت الأسماء وتداخلت

نشر في 15-09-2009
آخر تحديث 15-09-2009 | 00:00
 محمد الوشيحي بالله عليكم يا قوم، أو يا «غوم» كما ينطقها الزميل سعود العصفور! وليس أمتع من الاستماع إلى حديث يدور بين الزميلين سعود العصفور وسعد العجمي، فالأول يقلب القاف غيناً، والغين قافاً، والثاني يقلب القاف كافاً، وتعال فك الشيفرة عندما يقول سعود: «هذي غصة غديمة»، فيؤكد سعد كلامه: «فعلاً كصة كديمة»! المهم، بالله عليكم يا قوم ما حكاية عمليات التعديل الوزاري التي لا تنتهي؟ فحكوماتنا كانت تجري عملية تعديل وزاري واحدة كل سنتين، ثم أصبحت تُجريها كل سنة، ثم كل ستة أشهر، واليوم وصلنا إلى تعديل كل ثلاثة أشهر، وغداً كل سبع دقائق، وبعد غد سيتم التعديل الوزاري بعد الانتهاء من الصورة الجماعية مباشرة، فخير البر عاجله.

السؤال السريع: لماذا التعديل؟ الجواب الأسرع: لأنه وناسة... والسؤال المباشر: هل التعديل بمنزلة إقرار بسوء الاختيار؟ الجواب الأبشر: نعم... طيب ما هي الأخطاء التي ارتكبها الوزراء المحكومون بالإعدام؟ العلم عند الله.

الأوروبيون كثيراً ما يتهكّمون على أبناء بلد الورود والطواحين الأوروبي، ويعتبرونهم قوماً لا يعرفون كلمة «عيب». ليش؟ لأن أغلبية هؤلاء تشكّلوا من حثالة المجتمعات الأوروبية القديمة، من القوادين واللصوص والشواذ والعاهرات وأصحاب المهن الوضيعة وعصابات القمار وما شابه، أناس وجدوا أنفسهم منبوذين من الآخرين فتوجهوا إلى ذاك البلد، وفتحوا المسائل على البحري، وتركوا لكل غارب حبلَهُ، فكل شيء مسموح، وكل باب مفتوح: مخدرات؟ تفضل، وبموافقة الحكومة! شذوذ؟ يسعدنا، ويا حبذا لو تُوّجت العلاقة بزواج علني يباركه القس، ويحضره أفراد الأسرتين! قمار؟ أهلاً وسهلاً... حتى هؤلاء الناس الذين لا يعرفون العيب، لو رأوا طريقة تعديلاتنا الوزارية لعتبوا علينا ولتمتموا في صدورهم: صحيح اللي اختشوا ماتوا.

وقبل فترة، علا نحيبنا ونشيجنا تأثراً ونحن نستمع إلى نواب الحكومة وهم يتحدثون عن وجوب منح عمّتهم فرصة كي تخطط وتنفذ، واليوم نسمع عن تعديل وزاري بعد ثلاثة أشهر من التشكيل، ولا ندري ما هو رأيهم الآن في عمّتهم.

هناك تفسير واحد لحكاية التعديلات الوزارية السريعة هذه، يبدو أنها «زغالة» حكومية لتعذيب الشعب. فما إنْ نحفظ أسماء الوزراء حتى يتم نفيهم إلى جزيرة سانت هيلانة، وتوزير آخرين بدلاً منهم، فتلخبطت عندنا الأمور، وساحت الأسماء على بعضها، وتشربكت المناصب كما أسلاك التلفون، وأظن أن كل وزير يعاني مثلنا في حفظ أسماء زملائه، فإذا شاهد أحدهم زميله ضرب جبهته وتساءل: هالوجه شايفه بس وين؟. والمشكلة أن الصحف غداً ستمتلئ بتصريحات نواب يرفضون توزير هذا ويحتجّون على ذاك، وسيعلو الضجيج وسيرتفع الدخان، وستشتكي الحكومة - بكل براءة - من تدخّل النواب في سلطاتها.

بقي شيء تهمني معرفته، ما هو وقع شائعات التعديل الوزاري على الوزراء أنفسهم؟ وهل سيغامرون باتخاذ قرارات جريئة تصحيحية في وزاراتهم أم سينصبّ تفكيرهم على محاولة تثبيت كراسيهم؟ وكم من عملية أجرتها الممثلة بنت عبدالمجيد فازدادت بشاعة، وازددنا هلعاً منها ورعباً. اهب يا وجهها.

* * *

مرَّتْ يومَ أول من أمس الذكرى التاسعة عشرة لاستشهاد البطل الكويتي مبارك النوت، الذي كان واحداً من أبرز المطالبين بإعادة العمل بالدستور، قبل الغزو، وكان رئيساً لجمعية العارضية، فدخل عليه الغزاة مكتبه، فوجدوا صورة الأمير الراحل الشيخ جابر معلّقة على حائط خلفه، فأمروه بإنزالها، فرفض، فاقتادوه معصوب العينين إلى ساحة جمعية العارضية، وأعدموه أمام الناس... رحمك الله يا مبارك، وشكراً للشبان الوطنيين الذين راسلونا لتذكيرنا بهذه البطولة والتضحية.

مبارك النوت واحد من أبناء المعارضة الكويتية، الذي يعارض وفق الدستور، لكنه لا يقبل إهانة الحُكْم مهما كان الثمن.

ويا حكومة، أو بالأحرى، يا حُكْم، يميناً بالله لن تجدوا أكثر دفاعا عن النظام من حماة الدستور وأنصاره. والأيام بيننا، خصوصا أن الرياح هذه الأيام شرقية عاتية، والمثل يقول: «لا شرّقت... غرّقت».

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top