عبده خال... والموت يمر من هنا!

نشر في 01-04-2010
آخر تحديث 01-04-2010 | 00:00
 د. ساجد العبدلي أعترف أني لم أكن قد قرأت لهذا المبدع شيئاً من قبل، رغم أن روايته «الطين» التي نشرت منذ أعوام موجودة عندي منذ وقت طويل، ولاأزال أنظر إليها بطرف العين دون أن أجرؤ على تجاوز ذلك الفتور في داخلي ومد يدي لفتح مغاليقها، ولا أدري لماذا أقدمت في الأخير على قراءة روايته الأقدم «الموت يمر من هنا» بالرغم من أنها الأضخم حجما، لكن يبدو أن ذلك من حسن طالعي، وأن الله أراد أن يهيئ نفسي لقراءة روايته «ترمي بشرر» وهي التي حاز من أجلها جائزة البوكر للرواية العربية أخيرا.

عبده خال المولود في جيزان في السعودية، كاتب عملاق، ازدادت قامته طولا في مخيلتي أكثر بكثير مما كنت قرأت عنه، ومرد ذلك إلى سببين، أولهما: أنني كنت فرغت منذ مدة من رواية لكاتب سعودي آخر كادت تتقطع أنفاسي مللا حتى أدركت خاتمتها وما كدت، وذلك وبالرغم من أن صفحاتها لا تتجاوز المئة صفحة من القطع الصغير، وأما السبب الثاني: فهو أن عبده خال بلغ في نظري في هذه الرواية من الإبداع مبلغا صعبا عسير المنال، تتكسر مراكب الكثيرين ممن أعرف من كتّاب الرواية وتتناثر ألواحها ولمّا تبلغ شواطئه بعد!

نعم، لا تستغربوا قولي ولا تستكثروه على الرواية وصاحبها، فأنا مفتون بهذه الرواية، ومعجب كثيرا بهذا الروائي، ولست الوحيد في هذا المضمار، بل يشاركني رجل آخر ربما من قبيل المصادفة الغريبة أني مفتون جدا بما يكتبه هو الآخر، هو الروائي والشاعر والمفكر والسياسي والدبلوماسي د. غازي القصيبي، والذي قال عن هذه الرواية في معرض تقريظه لها «... إن الإنسان الذي يستطيع أن يعذبك هذا العذاب كله، أن يشقيك هذا الشقاء كله عبر رواية... مجرد رواية... لا بد أن يكون روائيا موهوبا... تحبه لموهبته... وتكرهه لأنه يذكرك بالمأساة الإنسانية...»!

لا شيء يعادل عندي متعة الاستلذاذ برواية جيدة، و«الموت يمر من هنا» رواية رائعة ومن طراز مختلف امتزجت بها اللذة والإمتاع بالعمق والإبداع!

حتما، فحين يصف كاتب ما المكان الذي سيحتضن أحداث روايته بقوله «وكأي قرية يلوكها القحط والتعب، استقرت قرية السوداء في فم الزمن، يمضغها، ويستمهلها على نواجذه، ويعاود مضغها حتى أن المضغ لم يعد يذيبها، فلفظها الزمن لبرحة النسيان»، حينها يقينا ستعلم أن كاتبا كهذا سيجود عليك بالمزيد من السطور الحادة كشفرة السكين والتي سيقف عندها الفكر مطرقا خاشعا متأملا!

هذه الرواية المدهشة التي ما إن تفرغ منها، أو سأقول تفرغ منك، حتى تحاصرك بعشرات الأسئلة التي تقطر بمرارات المآسي الإنسانية الآخذة بالتكرر والتردد زمنا بعد زمن في كل حدب وصوب من هذه الحياة، ولكن الحياة، كما قال خال، ستبقى سؤالاً كبيراً جدا، ولنبقى نحن كما قال هو أيضا، نتفا صغيرة من هذا السؤال الضخم، نعبر عن أنفسنا دون أن نتمكن من إجابته كلما ألح علينا!

لم تسنح لي الفرصة حتى الآن بالاطلاع على رواية خال «ترمي بشرر» الأخيرة والتي حازت جائزة البوكر في دورتها الأخيرة، لكن بعض من قرؤوها قالوا إنها رواية رائعة تستحق الوصول إلى منصات التتويج والتكريم، وإن المتعة مع قراءتها مضمونة، وسأسعى بحثا عنها حتما!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top