سجين الضمير
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
وقد دخلت منظمة العفو الدولية في إشكالية كبيرة عندما لم تصنف نلسون مانديلا كسجين ضمير، حيث اعتبرته قد استخدم العنف وحرَّض عليه، إلا أنها في المقابل دافعت عنه وطالبت بالإفراج عنه طوال سنوات سجنه، انطلاقا من طبيعة القوانين التمييزية التي كانت سائدة في حقبة جنوب إفريقيا العنصرية، وقد دفعت المنظمة ثمناً كبيراً نتاجاً لذلك وبالذات من قبل المناضلين المناهضين للتمييز العنصري إلَّا أنها ظلت تدافع عنه دون وصفه كسجين ضمير، ولم تتحسن العلاقات بين مانديلا والمنظمة إلا بعد عقدها لمؤتمرها الدولي في جنوب إفريقيا في التسعينيات من القرن الماضي.بعد تحرير الكويت مباشرة تم إعلان الأحكام العرفية مدة 3 أشهر ثم مددت شهراً آخر إلى أن تم رفعها نهائياً في 26 يونيو 1991، وقد تم تشكيل محكمة عرفية لمحاكمة المتهمين بالتعاون مع الاحتلال. كانت تلك المحاكمات مستعجلة وأثارت ردود فعل دولية غاضبة وعلى الأخص في الولايات المتحدة وبريطانيا، ولعل أحد أبرز القضايا التي تم تكييفها بصورة خاطئة هي قضية جريدة النداء، وهي الجريدة التي أصدرتها سلطات الاحتلال وتوقفت عن الصدور في ديسمبر 1990 لأسباب يطول شرحها. كان خطأ التكييف القانوني أن المتهمين والمدانين لاحقاً بوضعهم وكأنهم صحافيون مع أنهم كانوا غير ذلك. المهم أن الحاكم العرفي حينذاك الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، وقبل نهاية الأحكام العرفية قام بإلغاء كل أحكام الإعدام التي أصدرتها المحاكم العرفية وحولها إلى مؤبد وخفَّض كل الأحكام العرفية، وكان لافتاً أنه تم إعلان ذلك من لندن، وقد تم الإفراج لاحقاً عن أغلبهم إن لم يكن كلهم.إذاً سجين الرأي هو بالضرورة سجين ضمير، ومادام سجين الرأي لم يحرض على استخدام العنف، ولم يقم باستخدامه فإنه من غير المقبول احتجازه لأي مدة كانت حتى لو كان القانون يسمح بذلك، ومن الواجب على النواب التحرك لإضفاء تغييرات قانونية جذرية لتشكيل ضمانات أكيدة لأصحاب الرأي لكي لا يتعرضوا للحجز في أي مرحلة من المراحل احتياطياً أو غير احتياطي. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة