لا لمدينة جابر!


نشر في 17-09-2009
آخر تحديث 17-09-2009 | 00:01
 إيمان علي البداح عند إشارة مرور في البحرين تدافع أبنائي على نافذة السيارة ليتأملوا «طائرا غريبا وجميل» على حد وصفهم، وإذا به هدهد كالذي اعتدت أن أراه كل ربيع في الكويت عندما كنت بعمر أبنائي، واستوعبت حينها أن أبنائي فقدوا الكثير من متعة التفاعل مع البيئة الكويتية الشحيحة بجمالها أصلاً، فلم يروا النوير بألوانه الأصفر والأبيض والبنفسجي، ولم يستخرجوا الفقع بأيديهم، ولم يستطعموا «الحنبزان» و»خواتم العروس»، ولم يروا قط «الحمروش» ولا «الصعوة» ولا «الرماني»، ولم يسابقوا الجربوع والضب وقنفذ البر، ربما لم يروا أيا من تلك حتى في كتب الدراسة، وكل ما بقي لهم مدينة إسمنتية لا هوية لها ولا حياة فيها إلا للزرزور الذي يشابهها باللون والهشاشة.

وضياع حيوانات ونباتات بيئتنا الصحراوية لا يشكل خسارة معنوية وجمالية فقط، إنما يهدد التوازن الدقيق الذي يميز البيئة الصحراوية، وبالتالي يهدد صحتنا وبقاءنا، فعلى سبيل المثال ساحل البحر ما بين ميناء الشويخ إلى منطقة الخويسات عبارة عن مساحة حيوية جداً في نقاء هوائنا وغنى ثروتنا البحرية، فهي تشكل بيئة مميزة بسبب ضحالة شواطئها وتجمع ترسبات مياه شط العرب الطينية فيها منذ ملايين السنين، وبذلك تحمل كائنات مجهرية وأنواعا كثيرة من الحشرات والزواحف التي تشكل مصدر الغذاء الرئيسي لأسماك الخليج بشكل عام، وهذا هو أيضا سبب كونها الأماكن الأكثر أمانا لتفريخ وحضانة الكثير من الأسماك. والعبث بهذه المنطقة كما يرى خبراء البيئة «سيؤثر سلباً على الخليج العربي برمته»!

وحكومتنا الرشيدة تركت ما يفوق 90% من مساحة الدولة الخالية واختارت هذه المنطقة لإقامة مدينتي أحمد الجابر وشمال الدوحة، وآثرت أن تترك كل الصحراء القاحلة التي قتلها الرعي وأن تبني 5000 وحدة سكنية على الأرض الأكثر «حيوية» في الكويت. تلك المساحة التي تشكل «استراحة ومشتى ومصيفا مهما للكثير من الطيور المهاجرة والمستقرة والمفرخة حيث توجد بأعداد هائلة لا توجد في بقية سواحل الخليج العربي»، كما رصدت جمعية الطيور الكويتية.

وما لا يعلمه الكثيرون أن سواحل هذه المنطقة هي من الأماكن النادرة التي تنمو فيها أشجار «الغردق»، وهي أشجار خضراء صيفاً شتاءً وتؤوي الكثير من الزواحف والثديات وتساهم في تنقية أجوائنا وتقليل ملوحة الأرض، بالإضافة إلى الكثير من الأنواع الأخرى كأشجار «الطرفاء والطحماء والقلام والثليث والنديوه». وأي دولة ذكية تحول هذه المنطقة إلى محمية تساهم في إثراء السياحة والبحث وتحافظ على التوازن البيئي الذي يدمَّر في بقية أنحائها.

مع تلوث الهواء من مصانع ومصافي الجنوب، وانتهاك البحر بالمجاري والصيد الجائر، وتدمير الصحراء بالرعي والتحطيب، أتساءل: هل سيرى أحفادي الزرزور؟

للمزيد من التفاصيل:

http://oskonline.org/Jaber_City.html

back to top