أغسطس وتقلبات وجهات النظر
هناك اتفاق من حيث المبدأ بين «أهل الاقتصاد» على أن العالم سيتمكن من احتواء تقلبات الأزمة المالية العالمية، وأن بروز وتبلور ملامح الأزمة سيساعد الدول على رسم السياسات وبالتالي تنفيذها بشكل أوضح، وكلما كانت التقلبات بكل أنواعها المالية والسياسية أوضح فذلك يعني أنها أفضل من التقلبات غير الواضحة المعالم نسبيا في اتخاذ القرارات. وشهر أغسطس هو شهر التقلبات كما يحلو للبعض تسميته سلبا وإيجابا:
• أروقة الأمم المتحدة، والتقلبات في الآراء، وذلك من خلال الأحاديث التي تناولتها الصحف أخيرا حول الحقوق والبند السابع، وآخرها حديث السفير البريطاني جون ساورز الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الأمن، لصحيفة الشرق الأوسط قبل عدة أيام، حيث بدا متحمسا لتخفيض مبالغ التعويضات، قبل جلسة التصويت!! • صعوبات التعلم، وانقلاب في مفاهيم التعامل معها، موضوع أثار الاهتمام في الأوساط الأكاديمية، والدراسة أجرتها شابة كويتية، استطاعت إلقاء الضوء على استراتيجية الذكاءات المتعددة، وازدياد التحصيل العلمي وارتفاع معدل تقدير الذات، ودرجة التحصيل في الرياضيات، ولم تكن تلك الباحثة الموهوبة إلا شريفة إدريس ابنة الناشط الإعلامي طارق إدريس. • ذكرني شهر أغسطس بمعاناة أطفالنا قبل أعوام مضت، وإصابتهم بالالتهابات الرئوية الشديدة، من جراء التلوث الذي خلفه الغزو الغاشم، وتذكرت مؤسسة «كاتش» التي استطاعت تحويل جناح الأطفال «البارد» في مستشفى الأميري إلى مركز يملؤه «الدفء والحب»، باقة ورد أقدمها لمارغريت الساير مؤسسة «كاتش» والفريق الناشط من المتطوعين الذين مازالوا حتى يومنا هذا يرسمون البسمة على شفاه الأطفال المصابين بالأمراض المستعصية. • التعامل مع الأزمة المالية العالمية والانقلاب في المفاهيم، فالبعض يطالب بإعادة دور الدولة في الإنفاق، وعلى الأخص في المجال الصحي، بعد سنوات من محاولات إسناده كليا للقطاع الخاص، والبعض مازال يراهن على دور القطاع الخاص في استلام قطاع الخدمات العامة، أما الخطاب المشترك الذي يستحق بجدارة أن يسمى مطلبا شعبيا فهو مطالبة «أهل الاقتصاد» الحكومة بزيادة الإنفاق الرأسمالي على المشاريع والبنى التحتية وتمرير (بالتعاون مع البرلمان) القوانين ذات الفائدة الاقتصادية حتى تستطيع الدولة أن تتجاوز الأزمة المالية، والحديث لمجموعة من المصرفيين ورجال الأعمال عبر صفحات جريدة «الجريدة»، حيث اتفق الجميع على ضرورة السعي نحو الخصخصة وتطبيق معايير الشفافية والحوكمة على القطاع الخاص، وتعديل قانون الـBOT وطرح مشاريع كجسر الصبية، وقطاع الكهرباء، فالمؤشرات إيجابية ونوايا التعاون متوافرة، فماذا ننتظر؟! • كلمة أخيرة: أخشى أن يثير الحديث عن مخاطر انفلوانزا الخنازير الرعب لدى الأطفال وكبار السن، وأخشى أن نضظر إلى إجراء حملة معاكسة لتطمين تلك الفئة حتى لا يؤدي الوسواس إلى ما لا تحمد عقباه، أما الحديث عن إغلاق المدارس فهو سابق لأوانه وستتبعه أحاديث أخرى مطالبة بإغلاق الجامعة، ومؤسسات الدولة، وتمرير الإجازات المرضية للموظفين، «من أول عطسة» ... إلخ.