أخشى أن أخرج من بيتنا فأجد طابوراً من المتسوقين، لذلك أشير إلى أني لا أعني العنوان «حرفياً» ولا يوجد في بيتنا معرض في الحقيقة، ولكنه مقتبس من اسم فيلم عمر الشريف ليواكب الفكرة. فمن ضمن ما ملأ الهاتف النقال وبريد الـ»فيس بوك» أثناء شهر رمضان الفائت الرسائل المتداولة بين الأصدقاء والمتضمنة إعلانات عن إقامة المعارض الخاصة، ولكن بعكس رسائل التخفيضات والسحوبات التي تصر شركة «زين» على إزعاجنا بها، حملت رسائل المعارض ما يثير التفاؤل والإيجابية كونها شبابية الطابع ملؤها الإبداع والابتكار، ولكنها بالمقابل تكشف خللاً في توجه الدولة المعلن لتشجيع الشباب لخوض مجال العمل الحر.
يجدر أولاً التعريف بهذه المعارض، فهي أخذت بالانتشار خلال السنوات الثلاث الماضية، وأغلب منظميها والمشاركين فيها وجمهورها من فئة الشباب، ويتنوع المعروض ما بين منتجات محلية استهلاكية كالملابس والهدايا والإكسسوارات أو الحلويات، وأعمال فنية كاللوحات والصور والمشغولات اليدوية، وبضائع مستوردة غير متوافرة في الكويت.بعض المعارض متقطع يقام بين فترة وأخرى في قاعات الفنادق، وبعضها مستمر يقام في منازل السكن الخاص، واللافت للنظر أن معظمها لا يحمل منظموها تراخيص تجارية رسمية، علاوة على عدم وجود تراخيص لإقامة المعارض في المنازل، كما لا يحمل المشاركون فيها تراخيص لإنتاج بضائعهم واستيرادها وبيعها، بل أغلبهم هواة يمارسون أنشطتهم من منازلهم والتعاقدات فيما بينهم شكلية وودية.اتجاه الشباب إلى ممارسة العمل الحر بشكل غير رسمي في المنازل يعود إلى سببين: الأول ارتفاع تكلفة تأجير قاعات الفنادق أو فتح محل تجاري، وهذا أمر طبيعي ناتج عن قوى العرض والطلب في السوق، أما السبب الثاني فهو صعوبة استخراج التراخيص التجارية، وهنا يكمن الخلل كونه ناتجا عن عراقيل وقصور في التشريعات والآليات المفترض بها أن تكون مشجعة للعمل الحر، فعلى سبيل المثال أوقفت وزارة التجارة قبل أشهر إصدار تراخيص التجارة العامة والمقاولات التي تشمل نوعية أغلب الأنشطة التجارية التي يمارسها الشباب، وحسب علمي لايزال الإيقاف مستمراً، ناهيك عن الروتين في إجراءات التأسيس واستخراج التراخيص والموافقات من الجهات الحكومية، وهو روتين طويل وممل يكفي لقتل أي فكرة تجارية في مهدها.رواج هذه المعارض يعد مثالاً على ثقافة السراديب (Underground Culture) التي أشرت إليها في مقال سابق بعنوان «حتى لا نعيش بالخش والدس»، وقد يعتب أصحابها ويقولون «فتحت عيونهم علينا»، بينما أرجو ألا يفهم المقال وكأنه تحريض عليهم، بل هو دعوة للجهات المعنية إلى استيعاب الواقع القائم على أنه إيجابي يستحق التشجيع وتذليل العقبات لإخراجه من خفاء السراديب إلى واجهة القانون الرسمية، حتى يحفظ الشباب حقوقهم وأفكارهم من الضياع والاستغلال، فهذا الواقع دليل على أن لدينا مجتمعا شبابيا حيا وخلاقا، واحتضانه سيؤدي إلى المزيد من الإبداع والإنتاجية.
مقالات
في بيتنا معرض
01-10-2009