«نيويورك تايمز»: الرياح بدلاً من الفحم والغاز لتوليد الطاقة
ملياردير أميركي يخطط لخفض الاعتماد على النفط المستورد
نسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز إلى دراسة صدرت عن وزارة الطاقة في الولايات المتحدة قولها إن الرياح قد تحل محل الفحم الحجري والغاز بنسبة تراوح بين 20 و30 في المئة من الطاقة الكهربائية المستخدمة في ثلثي البلاد بحلول عام 2024.وقالت الدراسة إن تحقيق هذا الهدف يحتاج إلى عملية إعادة تنظيم للشبكات الكهربائية، والى زيادة كبيرة في التكلفة المتصلة بها، كما ان تأثيرها سوف يكون متواضعا في ما يتعلق بخفض الانبعاثات المرتبطة بالاحتباس الحراري.
يذكر أن وزارة الطاقة الأميركية حرصت في عهد الرئيس باراك اوباما على تشجيع استخدامات الطاقة المتجددة، وتعالج هذه الدراسة واحدا من أبرز الأسئلة المتعلقة بطاقة الرياح: ما الكمية التي يستطيع نظام الطاقة استخدامها، ويظل مستقرا ومحافظا على الأداء المنتظم، وذلك في ضوء حقيقة أن كمية الكهرباء التي تولدها عنفات الرياح تظل متقلبة مثل النسيم ذاته؟وحسب الدراسة فإن الجواب عن هذا السؤال يتمثل في حقيقة أن الاعتماد الكبير على طاقة الرياح "ممكن من الناحية الفنية"، ولكنه يحتاج الى توسع ضخم في شبكات الطاقة الحالية، ويقول ديفيد كوربس كبير المهندسين لدى المختبر الوطني للطاقة المتجددة، الذي أشرف على هذه الدراسة، إن خطة التوسع المشار اليها تحتاج الى إنفاق حوالي 93 مليار دولار وفقا للسعر الحالي للعملة الأميركية، ويضيف أن هذا المبلغ يعتبر صغيرا حقا إذا ما قورن بالتكلفة الأخرى الكبيرة في نظام الطاقة.جدير بالذكر أن العقبة الكبرى تتمثل في كيفية التغلب على المأزق السياسي المتعلق بهذه الخطة، والتي تشتمل على إنشاء خطوط للكهرباء وإيجاد وتمويل مواقع تفوق عشرة أضعاف طاقة التوليد الحالية، وهي أسئلة لم تقدم الدراسة أجوبة عنها.وتغطي الدراسة الشبكات الشرقية في الولايات المتحدة التي توفر الطاقة الكهربائية الى حوالي 70 في المئة من سكان البلاد، وتسعى الشركات العاملة في الغرب الأوسط الأميركي الى إقامة طواحين هواء في السهول الكبرى، لأنها قد تنتج كمية من الطاقة تزيد بحوالي 25 في المئة عن المواقع المقابلة في الشرق بسبب وجود رياح أكثر شدة هناك.وحسب الدراسة فإنه بغض النظر عن مواقع بناء طواحين الهواء تعتبر الفوائد التي سوف تتوافر لمسألة الاحتباس الحراري الدولي متواضعة، ولن تتجاوز 4.5 في المئة من الانبعاثات في أحسن الأحوال، كما انه إذا لم يتم بناء آلات رياح إضافية فإن معدلات انبعاثات الكربون سوف ترتفع بشكل مؤكد.التركيز على الغاز وكانت صحيفة نيويورك تايمز نشرت في عدد سابق لها خطة وضعها ملياردير أميركي من ولاية تكساس يعمل في ميدان النفط، ويدعى تي بوون بيكنز، وتهدف الى الاستغناء عن النفط الأجنبي من خلال التوسع الكبير في استخدام طاقة الرياح، بحيث تحل محل الغاز الطبيعي الذي يمكن عندئذ تخصيصه لتشغيل المركبات.وقالت الصحيفة إن بيكنز، الذي حقق الجزء الأكبر من ثروته عن طريق النفط ثم تحول في السنوات الأخيرة الى طاقة الرياح، يعمل في الوقت الراهن على تطوير الغاز الطبيعي الذي قد تفضي الزيادة في استهلاكه الى جعل حصصه في البعض من شركاته في هذا الميدان أكثر قيمة.جدير بالذكر أن الغاز الطبيعي هو الأنظف بين أنواع الوقود الحفري، وهو يطلق كمية من غازات بيوت الدفيئة أقل من الفحم الحجري او النفط، ويقول العديد من الخبراء إنهم يظنون أنه يستخدم بقدر أقل على شكل وقود للطاقة او للنقل، وخاصة بعد أن كشفت التقنيات الحديثة عن وجود احتياطات ضخمة من حقول الغاز في شتى أنحاء الولايات المتحدة.من جهة اخرى، يقول المشككون إن عملية إعداد البنى التحتية من اجل مركبات الغاز الطبيعي سوف تكون مكلفة للغاية، وإن السيارات الكهربائية والهجينة هي بدائل أفضل لهذا الغرض، ناهيك عن تنامي القلق من إمكان تلوث مياه الشرب بسبب التقنية الحديثة المستخدمة في عمليات استخراج الغاز من المكامن الصخرية.مشكلة المهنةوحسب أحد خبراء الطاقة في جامعة رايس في هيوستن فإن من الصعوبة بمكان أن تتمكن من نقل جبال وفقا لسياسة تتعلق بالطاقة، ولم يتمكن بيكنز حتى الآن من تحريك مجرد تلة فقط، والمشكلة التي تعترض سبيل بيكنز هي انه في هذا البلد إذا كنت تعمل في ميدان النفط فإن الناس يشككون في اي شيء تقوله حول السياسة المتعلقة بالطاقة.وسبق لبيكنز أن دعا الولايات المتحدة الى بناء الآلاف من عنفات الرياح بين تكساس وكندا، ونصب خطوط نقل من أجل تزويد المدن في شتى أنحاء البلاد بالطاقة الجديدة، وهو يقلل في الوقت الراهن من أهمية دور الرياح، لأنه يرى أن من شبه المستحيل تمويل مشروع للطاقة يعمل بواسطة الرياح، ويرجع ذلك إلى حد كبير الى أن الغاز الرخيص جعل طاقة الرياح أقل تنافسية، ويتمحور تركيزه الآن وبشكل تام تقريبا على الغاز فقط.ويريد بيكنز من الرئيس أوباما أن يأمر بجعل اسطول السيارات الاتحادي كله يستخدم الغاز الطبيعي، وحسب تقديراته فإن استخدام نسبة مئوية بسيطة فقط من الشاحنات والحافلات الأميركية للغاز الطبيعي سوف يوفر ما يصل الى 8 في المئة من النفط المستورد خلال سبع سنوات، "وكل ما عليك عمله هو الشروع في هذه العملية وبعدئذ تصبح في طريقك الى الاستغناء عن نفط منظمة اوبك".يذكر أن بيكنز لم يحقق الكثير من النجاح في الآونة الأخيرة كما أن شركة التزود بالغاز الطبيعي التابعة له أنفقت حوالي 3 ملايين دولار على مبادرة فاشلة كانت تهدف الى تمكين ولاية كاليفورنيا من اقتراض خمسة مليارات دولار لاستثمارها في ميدان الغاز الطبيعي والطاقة البديلة.