فلتضحك كثيراً يا زايد الزيد
سمو الرئيس، أقولها لك من قلب محب مشفق صادق، الأمر أكبر بكثير من قسم تطلقه في مثل هذا المواقف، فليس زايد الزيد هو الوحيد الذي شُج رأسه وتضرجت الأرض بدمائه، بل الكويت بأسرها يشج رأسها وتهشم عظامها وتطعن في اليوم عشرات المرات، ولا أحد يحرك ساكناً ليعالجها أو ليضمد جراحها.
الاعتداء الجسدي الذي تعرض له الزميل الكاتب زايد الزيد أمام مقر مظلة العمل الكويتي «معك» قبل البارحة يأتي مؤكداً ما ذهبت إليه في مقالي السابق المعنون «كلهم وحوش يا سادتي»، وأن الكويت قد أضحت بالفعل تعيش حالة وحشية وهمجية بسبب تردي أوضاعها على كل مستوى وصعيد، وأن الناس صارت تلجأ إلى تصفية خلافاتها واختلافاتها بالوسائل العنيفة، سواء بقبضة اليد أو بسلاطة اللسان وبذاءته أو بتطرف الأفكار وتعصبها، وكلها- كما ذكرت في ذاك المقال- حلقات من سلسلة واحدة، فالعنف كله سواء مهما اختلفت النهايات وطريقة التعبير.وكالعادة، سنعيش هذه الأيام حفلة من التصريحات المنددة والمهددة والمتوعدة، والتي لا أشك أن كثيراً منها «سيشطح وينطح»، وسيكون عنيفاً بذاته، وللأسف، لنكون كمن يقابل العنف بالمزيد من العنف والهمجية! أنا متأكد أن الزميل زايد الزيد، مع دعائي له بالسلامة والأجر والعافية، وبعد تجاوزه لحرارة وألم اللحظات الأولى، سيضحك كثيراً مما حصل، وذلك لأن هذا الاعتداء، هذا بالطبع إن ثبت فعلاً أنه متصل بخصوماته السياسية، قد كشف له صبيانية هؤلاء الخصوم، وقلة حيلتهم وبالتالي لجوئهم لمثل هذه الحماقات، ومن يتابع الزميل زايد الزيد، وشكل مسيرته الإعلامية، وأسلوب الطرح في موقعه الإلكتروني «الآن» يدرك أنه ليس بذاك الرجل الذي تخرسه ضربة خرقاء على يد صعلوك يتستر بظلام الليل ويفر مذعوراً، بل إنها ستزيده قوة وستضعف في ذات الوقت من قيمة خصومه.وفي الجانب الآخر، فلا نملك إلا أن نثمن ونقدر التصريحات الحكومية، وبالأخص تصريح سمو رئيس الحكومة وقسمه بألا يهدأ للحكومة بال حتى إلقاء القبض على فاعل هذه الجريمة المنكرة، لكننا ندرك في الوقت نفسه، وبألم، أن هذه الحال التي وصلنا إليها، هي ناتج أصيل ومباشر للسياسة المرتخية، بل التائهة التي تمارسها الحكومة طوال السنوات الماضية، هذا إن جاز أن نسميها سياسة أصلاً.سمو الرئيس، أقولها لك من قلب محب مشفق صادق، الأمر أكبر بكثير من قسم تطلقه في مثل هذا المواقف، فليس زايد الزيد هو الوحيد الذي شُج رأسه وتضرجت الأرض بدمائه، بل الكويت بأسرها يشج رأسها وتهشم عظامها وتطعن في اليوم عشرات المرات، ولا أحد يحرك ساكناً ليعالجها أو ليضمد جراحها ويلقي القبض على فاعلي هذه الجريمة النكراء، وما عادت تنال من أبنائها سوى الكلام والمزيد من الكلام!