يفعلون غير ما يقولون

نشر في 30-04-2010
آخر تحديث 30-04-2010 | 00:01
 صالح القلاب معظم الأحزاب العراقية، إن لم يكن كلها، تتحدث عن ضرورة رحيل القوات الأميركية عن العراق، في الوقت الذي جرى تحديده من قبل الأميركيين أكثر من مرة، لكنها تعمل عكس ذلك، فهذا العنف المستمر لا يمكن تصديق أن "القاعدة" مسؤولة عنه كله، وهذه التصرفات التي تتخذ طابعاً تقسيمياً، مذهبياً وإثنياً، تحافظ على بقاء عدم الأمن وعدم الاستقرار وتمزق البلاد إلى جزر متباعدة، كل جزيرة لها ميليشياتها ولها جيشها ولها قضاؤها ومحاكمها الخاصة.

 لا يمكن تصديق مَنْ يبذل كل جهوده وجهود حلفائه، الداخليين والخارجيين، لتدمير نتائج الانتخابات والتخلص منها، واستبدال معادلتها بمعادلة جديدة من خلال النصب والاحتيال وبالاعتماد على هيئات كلها من مخلّفات "بريمر" سيئ الصيت والسمعة، عندما يقول إنه حريص على وحدة العراق، وإنه ضد التدخل في شؤونه الداخلية، وإنه يصر على رحيل ومغادرة القوات الأميركية عن أراضيه في الوقت الذي جرى تحديده.

وبصراحة فإن قيام نوري المالكي بكل هذه المحاولات، واستخدام كل الوسائل لتدمير المعادلة السياسية التي أسفرت عنها الانتخابات الأخيرة، وللتخلص من أياد علاوي وكتلته ولاجتثاث صالح المطلك واتجاهه، لا يمكن إلا أن يكون ضد وحدة العراق حتى وإن أقسم على عدم صحة هذا الاستنتاج وهو يمسك بأستار الكعبة، ثم وبصراحة أكثر فإن كل هذه الاختراقات في الجيش وفي القوات الأمنية لا يمكن تصديق أنها تتم بدون علمه، بينما هو إلى جانب أنه رئيس الوزراء يحتل منصب وزير الدفاع الذي من المفترض أنه يعرف كل صغيرة وكبيرة في البلاد مِنْ زاخو في الشمال حتى منطقة الفاو بالقرب من الحدود العراقية - الإيرانية.

إن المؤكد أن نوري المالكي يعرف تمام المعرفة أن اتباعه كل هذه الأساليب، اعتماداً على ما يسمى "هيئة المساءلة والعدالة"، للتخلص من خصومه السياسيين، الذين أدى فوزهم في هذه الانتخابات إلى خلق معادلة سياسية جديدة غير المعادلة السابقة التي حُكم العراق على أساسها كل هذه الفترة، لا يمكن أن يُفهم إلا أن وراءه إيران وفيلق القدس والجنرال قاسم سليماني، وهذا سيدفع هؤلاء الخصوم إلى الاتجاه إلى الخارج للاستعانة به حماية لأنفسهم ومحافظة على وحدة بلدهم التي وضعتها التصرفات الطائشة التي هي محصلة تدخّل إقليمي لا يمكن إنكاره في مهب الريح.

والمشكلة، بل أم المشاكل لا أم المعارك، هي أن خراب البصرة قد وصل إلى القضاء، والشاهد على هذا هو السفير الأميركي في بغداد ديفيد هيل الذي قال في تصريحات، أشار فيها إلى أن "التباطؤ" في تشكيل حكومة عراقية جديدة سيؤخر انسحاب القوات الأميركية وفقاً لما هو مخطط له: "أود أن أشير إلى أن نتائج هذه الانتخابات (الأخيرة) متقاربة، وأن ضغوطاً كبيرة وتحديات عظيمة تواجه كل المؤسسات الديمقراطية الناشئة... وأن النظام القضائي الذي عليه أن يحسم بعض الخلافات ليس محصناً".

back to top