فيما يشبه المفاجأة، جاءني اتصال من السيد فهد الرجعان مدير عام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، عصر يوم نشر مقالي «النواب المطران... وفهد الرجعان» وكنت يومها مشغولاً بالتجهيز لسفر (لاأزال فيه حتى ساعة كتابة هذا المقال)، وأقول إن الأمر أشبه بالمفاجأة لأن السيد الرجعان، كان قد عودنا على قلة ظهوره الإعلامي وندرة ردوده على ما ينشر في الصحافة بالرغم من كثرة ما يكتب ويقال عن المؤسسة، وبالأخص خلال الفترة الماضية، حيث كثر الحديث واللغط عن أدائها المالي.

Ad

وللأمانة، فقد كان السيد الرجعان، حفياً جداً بما جاء في المقال، وكريماً جداً معي فأعطاني أرقام هواتفه الخاصة، وعرض علي زيارته في الوقت الذي أرغب، مبدياً استعداده الكامل للإجابة عن كل التساؤلات والاستفهامات، سواء تلك التي قد تكون لدي، أو تلك التي نشرت وأثيرت في الصحافة.

وبالطبع، فإن دعوة مثل هذه قد تغري أي كاتب، وتداعب غروره، ولكنني ما كنت لأقبلها، مع كامل التقدير والاحترام للسيد الرجعان ولدعوته الكريمة، وذلك لأني وبكل بساطة لست من المتخصصين في الاقتصاد، هذا أولاً، وثانياً لأني لست من الملمين بتفاصيل تفاصيل هذا الموضوع الشائك وخفايا أبعاده، وما كنت لأرمي نفسي في بحر لا أجيد العوم فيه، وهو الذي قد يخدعني ظاهر الهدوء على صفحته، بينما في أعماقه الخافية اضطراب يمور.

لكنني مع ذلك أعترف بأنه قد جال في بالي وللحظات أن أتصل بالزميل د. طارق العلوي لأطلب منه مرافقتي في هذه الزيارة، وذلك لأنه الأنسب لمثل هذا في تصوري كونه أكثر من تناول هذا الموضوع بالكتابة، ناهيك عن كونه من المتخصصين في الاقتصاد، وثانيا لأني لا أعتقد أن دعوة الأستاذ الرجعان كانت دعوة شخصية لساجد العبدلي، وإنما هي دعوة عمل يهدف الرجعان من ورائها أن يجلي الحقائق ويفند ما يثار في الإعلام، وبالتالي فإن وجود العلوي ككاتب صحفي متخصص في الموضوع أو غيره من الزملاء الآخرين، يجب أن يسر ولا يقلق البتة، إلا أنني صرفت النظر عن الأمر كله، فحين تفكرت فيه وقلبته على وجوهه، اكتشفت أن المسألة أكبر بكثير من قائمة أسئلة مباشرة محددة يتم توجيهها لتتم الإجابة عنها، وبالتالي فإن أي جلسة ولو استغرقت ساعات عدة لا يمكن أن تفي الموضوع حقه ولن تقطع دابره.

موضوع التأمينات اليوم قد صار على كل لسان، والحديث عنه قد بلغ الآفاق، وأظن أن كل متابع قد بات الآن، يدرك أن كل الإجابات التي نشرت، والتي قد تنشر لم ولن تشفي غليل الواقفين في الخندق المناهض للرجعان وللمؤسسة، ليس لأن في الأمر ترصداً شخصياً، إنما لأن الموضوع أكبر وأعمق من أن يحاط به بهذه العجالات الصحفية مهما اتسعت.

أعتقد أن الأمر اليوم يحتاج إلى جهة محايدة ما، بعيدة كل البعد عن التأثر بضغوط أي طرف سياسي أو غيره، لتقوم بدراسة الملفات كلها وفتح السجلات المرتبطة بهذا الموضوع جميعها، والتدقيق فيها، والخروج بعدها بنتيجة وتقرير، يُعلن بكل شفافية ووضوح للجميع.

وفي نظري أن هذا الأمر، لو تم، فلن يضر أو يسيء للسيد فهد الرجعان، بل على العكس من ذلك، لأن ترك هذه القضية هكذا نهباً للإعلام والمدونات دون مواجهة ومكاشفة واضحة، هو ما يسيء ويضر بالحقيقة، وهو ما لا نرغب فيه.