ولد وبنت... تجربة ممتعة

يضاف فيلم «ولد وبنت» للمخرج كريم العدل إلى تجارب سينمائية مهمة في السينما المصرية المعاصرة، صنعها شباب وتوجهوا في مواضيعهم إلى الشباب، مثل «أوقات فراغ» و{الماجيك» (إخراج محمد مصطفى) و{بصرة» (إخراج أحمد رشوان)...

اللافت أن العدل، على غرار مخرجي هذه الأفلام، يخطو خطوته الأولى في عالم الاخراج. كذلك الأمر بالنسبة إلى أبطال الفيلم والعناصر الفنية المختلفة.

الحق أننا، في «ولد وبنت»، أمام بطلين جديدين ولدا كبيرين وأديا دورين كبيرين، هما مريم حسن وأحمد داود، إلى جانب آية محمود حميدة الموفقة بوضوح والعتيدين سوسن بدر وسامي العدل.

بالقدر نفسه تلمع أمامنا أسماء ومواهب حقيقية، تؤكد نفسها بقوة، وتضافرت لتجعل من «ولد وبنت» تجربة سينمائية لافتة ومميزة وممتعة، في صدارتها: علا عز الدين (كتابة السيناريو)، عبد السلام موسى (التصوير) سلافة نور الدين (المونتاج)، عامر علي (الديكور)، هاني عادل (الموسيقى التصويرية)، ثمة روح واحدة تجمع بين هؤلاء كلهم، لذا قدموا فيلماً يمكن اعتباره «حالة» أو «قصيدة» أكثر من كونه «حدوتة» فيها بداية وعقدة ونهاية، وتفاصيل أو حوادث يمكن تلخيصها بما يفي بالغاية!

نحن هنا في أجواء فيلم رومنسي - نفسي من بدايته إلى نهايته، يصوّر علاقة جميلة تنشأ بين طفل وطفلة منذ زمالتهما في أولى سنوات المدرسة، ويشبان عن الطوق ليكتشفا أن مشاعر الحبّ الصادق والإحساس الروحاني الجارف هي التي تجمع بينهما: شهد (مريم حسن) وسامح (أحمد داود)، إلى جانب ليلى (آية حميدة) صديقة لكليهما على امتداد رحلة العمر.

خلافاً للحكايات الرومنسية المعروفة التي تتعثر فيها علاقة حبيبين بفعل ظروف وعوامل ترجع إلى الآخرين (العائلة) أو إلى الأقدار (المرض أو الموت) إلخ، يعيق شهد ومريم بنفسيهما علاقتهما  في «ولد وبنت» بسبب جوانب نفسية تتحكم بهما، بل إن شهد تقول لسامح في أحد المشاهد: «أحتاجك في مواجهة الخوف والعقد».

على امتداد الفيلم تربك المخاوف والهواجس والعقد النفسية الحبيبين، إنهما مثل سيزيف الذي يحمل أثقاله ويسعى إلى بلوغ قمة الجبل وما إن يقترب من هدفه حتى يسقط فيعاود الكرّة ويحمل أثقاله مجدداً.

في مشهد النهاية يقف سامح وشهد في حديقة البيت منهكين، بعد طول ارتحال وعناء، فتومئ شهد برغبتها في المحاولة مجدداً، فيما يسألها سامح بإعياء: «لسة فيكي حيل؟» فتهز رأسها بإعياء وألم وتجيب: نعم!

«رسائل البحر» للفنان القدير داود عبد السيد و»ولد وبنت» للمخرج الموهوب كريم العدل يبشران بموسم سينمائي ناجح في 2010، وننتظر كثيراً من وتلاحم جهود المبدعين الكبار والواعدين الشباب وعطائهم.