علانية الجلسة... وشفافية مكافحة الفساد

نشر في 07-12-2009
آخر تحديث 07-12-2009 | 00:00
 د. بدر الديحاني يحتفل العالم في التاسع من الشهر الجاري باليوم العالمي لمكافحة الفساد، وهو اليوم ذاته الذي من المفترض أن يناقش فيه مجلس الأمة مقترحات القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد؛ قانون مكافحة الفساد، وقانون الذمة المالية، وقانون تعارض المصالح، وقانون حماية المُبلّغين.

ولحسن المصادفة فإنه من المفترض أيضاً أن يناقش مجلس الأمة غداً الاستجوابات الأربعة المقدمة لرئيس الحكومة وبعض أعضائها، حيث ستبيّن طريقة مناقشة هذه الاستجوابات وما سيترتب عليها من نتائج إلى أي درجة هنالك اقتناع من المجلس والحكومة بقوانين مكافحة الفساد، ومدى جديتهما في تطبيق هذه القوانين قبل إقرارها بشكل رسمي.

وإذا ما عرفنا أن قضية الشفافية تأتي دائماً وأبداً على رأس أولويات مكافحة الفساد، فإن الحديث عن التصدي للفساد والمفسدين وضمان عدم تعارض مصالح مَن يتولون الشأن العام وحماية المُبلّغين لا يعدو كونه حديثاً مرسلاً لا فائدة ترتجى من ورائه ما لم تتوافر درجة عالية من الشفافية في عملية تطبيق السلطتين لقوانين مكافحة الفساد على أنفسهما قبل غيرهما، وإلا اهتزت ثقة الناس في مصداقيتهما في التصدي للفساد والمفسدين.

من هنا فإن طلب تحويل جلسات مجلس الأمة الخاصة بمناقشة الاستجوابات إلى جلسات سرية، يتعارض بشكل كبير مع مبدأ شفافية محاربة الفساد والمفسدين، بل إنه قد يُعد مؤشراً على دعم الفساد بدلاً من مكافحته، لأن السرية تتعارض تعارضاً كلياً مع مبدأ الشفافية، كونها تساهم في حجب المعلومات والبيانات التي يتعين توافرها لعامة الناس الذين من حقهم معرفة المعلومات كافة المتعلقة بشؤونهم العامة، وسهولة الوصول إليها والحصول عليها وتداولها.

لذا، فإنه سيكون من الغريب جداً أن تلجأ الحكومة إلى طلب جلسة سرية لمناقشة الاستجوابات المقدمة حالياً لبعض أعضائها بما فيها الاستجواب المقدم إلى رئيسها، وسيكون أكثر غرابة أن يوافق أعضاء المجلس، ممثلو الأمة، على هذا الطلب فيما لو تقدمت به الحكومة لأن ذلك يعتبر مشاركة من الأعضاء للحكومة في محاولتها إخفاء المعلومات والحقائق عن العامة، كما أنه يعتبر نوعاً من أنواع التهرب من تحمل المسؤولية السياسية تجاه محاربة الفساد والمفسدين بشكل علني.

لقد سبق أن ذكرنا أن الاستجوابات المقدمة ستكون فرصة لا تعوض أمام الحكومة لاسيما في هذه المرحلة السياسية الحرجة لكي تبيّن للناس مصداقيتها في مكافحة الفساد وجديتها في التصدي للمفسدين، خصوصاً أن هذه الاستجوابات تتضمن اتهامات جدية بالفساد في حق رئيس الحكومة وبعض أعضائها لا يمكن غض النظر عنها.

وكما هو واضح، فإننا هنا أمام احتمالين لا ثالث لهما: إما أن هذه الاتهامات ثابتة وإما أنها غير صحيحة.

فإن كانت الاتهامات ثابتة فلا جدوى البتة من محاولة التهرب منها من خلال طلب الجلسة السرية التي سيسرب معارضوها ما يجري بداخلها وستنشر وقائعها المدونات في اللحظة نفسها وسيتناقلها الناس في أحاديثهم في الليلة ذاتها.

أما إذا كانت الاتهامات غير صحيحة فإنها فرصة ذهبية أمام رئيس الحكومة وأعضائها المقدمة بحقهم الاستجوابات للدفاع عن أنفسهم ودحض تلك الاتهامات في جلسة علنية، لكي تكسب الحكومة ثقة الناس وتأييدهم بدلاً من طلب الجلسة السرية الذي لا يمكن تفسيره إلا أنه محاولة لإخفاء الحقائق عن عامة الناس، وهذا حتماً لن يخدم موقف الحكومة إذا كانت التهم باطلة فعلاً.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top