آمال: لون الخضرة اخضر

نشر في 04-05-2010
آخر تحديث 04-05-2010 | 00:00
 محمد الوشيحي الأوضاع عندنا مقلوبة كزراعة البصلة، رجلها في السماء ورأسها في الأرض. وعندما شاع خبر شبكة التجسس الإيرانية، راحت الحكومة تأكل الرز بالمرق مع الملائكة، وتغط في سبات ونبات، وتركتنا نحن أطفالها نرتعد مبلولين، بردانين، نتبادل نظرات الرعب، ونبتلع ريقنا.

وبعد صمت صامت، استمر يومين، خرج المتحدث باسم الحكومة د. محمد البصيري، ليؤكد لنا، بعد الحمد لله، أن الخضرة خضراء، والحُمرة حمراء، والصلاة على النبي. فصرخنا كما صرخت فيروز «عيدا كمان»، ففعل، فقلّبنا التصريح بحثاً عن كلمة لها اسم وعنوان، ثم وضعنا التصريح على آذاننا وهززناه بقوة كي نسمع خرفشة تفرحنا، فإذا هو كالفضاء الفاضي والخواء الخائي، فيئسنا فعفسنا التصريح ورميناه في الشارع ونحن نضحك على المقلب، ومررنا بحُنين وأخذنا خفّيه وعدنا أدراجنا. الشيء الوحيد الذي فهمناه من التصريح هو اسم المصرّح. والبصيري يعرف جيداً نوع العملة التي تحتاج إليها أسواق الحكومة، ويعرف أن المتحدث باسم الحكومة يجب أن يتحدث فلا يقول شيئاً. نظام هوبّا هوبّا.

والحمد لله أن الذي قبض على الشبكة هو «الاستخبارات العسكرية» في وزارة الدفاع لا مجلس الوزراء. والاستخبارات نعرفها ونثق بها، ونعرف رئيسها اللواء خالد الجراح الذي يحيط نفسه بمجموعة من خيرة الضباط، يعملون بصمت وحب جارف لهذا البلد المسكين. ولتعرفوا الفرق، قارنوا بين تعامل سفاراتنا في الخارج مع المدنيين، وبين ملحقياتنا العسكرية - التي تتبع الاستخبارات - مع العسكريين وأهاليهم. ولعل أكثر ما يطمئننا، برغم عكّ الحكومة، هو أن من يفرش فراشنا ويغطينا بالبطانية، كي ننام، هما خالد الجراح وعذبي الفهد ورجالهما. ولو أن الحكومة هي من يفرش فراشنا للدغتنا العقارب ولهشّمتنا الفيَلة ولتفتتنا، ولتعرّف علينا أهالينا من ساعات أيدينا وموبايلاتنا.

ولا أدري متى نتخلص من روح الفأر التي تلبستنا، فنبحث عن روح أسد أو نمر أو حتى قرد يجيد التشعبط على أغصان أميركا كلما هبّت الرياح الشرقية. وعندما صرخنا في حكومتنا: «أغلقي الباب الذي بيننا وبين إيران، وكدّسي خلفه الطاولات والخزائن والكراسي»، ردّت علينا بصوت لقماني: «ليس بين الطيبين حجاب»، وفتحَت لهم الباب كي يدخلوا في الحوش، ولا يتجاوزوه، لكنها فوجئت بهم في غرفة النوم، وعندما استفسرت أجابوها: «نحن لسنا نحن».

وتقول إحدى النظريات العسكرية: «فكّر بعقلية الآخر»، والآخر هو الحكومة، ولو كنت أنا مكان الحكومة لأعلنت: «الشبكة اعترفت بأن من يموّلها هم نواب التأزيم وسكّان أم الهيمان». 

back to top