وجد ماجد وهيثم ورأفت، وهم أصدقاء فلسطينيون في الأربعينيات من عمرهم يعيشون في قطاع غزة، أنفسهم مضطرين لدخول مشفى غزة الرئيس لشرب قهوتهم المفضلة، بين روائح الأدوية والمحاليل التي تفوح بالمكان، بعد أن حرمهم انقطاع الكهرباء تناولَها في المتنزه وسط مدينة غزة.

Ad

ويفضل المئات من شباب غزة، شرب القهوة من إحدى الماكينات المتوافرة في المدينة المحاصرة منذ سنوات، لزهد ثمنها وطعمها المغاير لما يعد في المقاهي والاستراحات.

ويقول ماجد وهو ينتظر أمام ماكينة المشفى الموجودة في قسم أمراض الباطنة لـ"الجريدة": " قطعت مسافة طويلة لأشرب قهوتي في الرمال، لكن الماكينة متوقفة بسبب انقطاع الكهرباء"، وأضاف ساخراً "سأشربها اليوم وأصدقائي بنكهة الأدوية والمحاليل".

وقال رأفت أنه وأصدقاءه يفضلون قهوة الماكينة، لنكهتها المغايرة عما يعد في المقاهي والاستراحات، إلى جانب أن ثمنها زهيد، ويضيف: "فنجان قهوة الماكينة ثمنه شيكل واحد، بينما في المقاهي 7 شيكلات". ومنعت إسرائيل على مدار السنوات الثلاث الماضية، إدخال حبوب القهوة عالية الجودة لمطاحن قطاع غزة، ما أدى إلى تضاعف ثمن كيلو القهوة حتى بلغ 48 شيكلا، بدلاً من 28 شيكلا.

ولا يتوافر في القطاع الرملي الذي تدير شؤونه حركة حماس، إلا القليل من الماكينات، اذ يقول هيثم الذي بدا مدمنا على شرب القهوة لـ"الجريدة"، "فقط 3 ماكينات في غزة، وعند انقطاع الكهرباء لا تعمل إلا ماكينة المشفى، لأن الأخير لديه مولدات كهرباء".

وتدفع البطالة والفقر المتزايد في قطاع غزة، الشباب العاطل عن العمل إلى التفتيش عن الأماكن التي لا تثقل كاهلهم، بينما تعج الاستراحات والمقاهي المنتشرة داخل المدينة وخارجها، بالشباب القادرين على تحمل نفقاتها، خاصة من رجال الأعمال والتجار والموظفين ذوي الدخل المرتفع.

ويفضل أبوهادي الذي يصطحب أطفاله من يوم الى آخر إلى المنتجعات وبرك السباحة المنتشرة على طول الشاطئ، أن يشرب قهوته مع أصدقائه في مقهى "مزاج" أو "ديليس" لتقديمهما قهوة مميزة، الى جانب الخدمات الراقية والمكان المريح. ويقول أبوهادي الذي يعمل في إحدى المؤسسات الأجنبية في غزة، ويتقاضى راتبا شهريا مرتفعا، لـ"الجريدة"، "إن قهوة الماكينة للبسطاء وذوي الدخل المحدود"، ويضيف: "لا أستطيع شرب قهوتي وسط زحمة الناس وأبواق السيارات، ودون مقعد للجلوس عليه".

وعادة ما يلفت الانتباه وسط مدينة غزة، جلوس الشباب على قارعة الطرق وزوايا متنزه الجندي المجهول، المحاط بالسيارات من جميع الاتجاهات، لشرب القهوة دون الأخذ في الاعتبار أحوال الطقس والحرارة المرتفعة.