آخر وطن رعب السولفان !


نشر في 18-06-2010
آخر تحديث 18-06-2010 | 00:01
 مسفر الدوسري هناك من يرعبهم الحب!

يملأ قلوبهم بالخوف...

يفزعون من رؤية كفين متشابكين

ومن رؤية قلبين يحلقان متعانقين...

ومن أربعة أقدام ترسم طريقا مسوّرا بقوس قزح

ومن قمر لا يغيب، يجدّل ضفائر الليل مواويل للسهر،

ومن كلمة طرية، ندية تنثر الرذاذ على صدر الوقت ليزهر

ومن شفتين تدثرتا بالدعاء والرجاء بأمل قبلة مشتهاة

ومن رسائل العطر التي تراقص الرغبات الخجولة

ومن «سولفان» الهدايا،

ومن باقات الورد

وبطاقات الحب،

والأغاني المحرضة للمشاعر الخضراء،

والفرح المُطل خلف جفنين،

هؤلاء ترعبهم كل هذه الأشياء الجميلة في الحب،

يترصدون لكل فراشة ملونة بحجر قلوبهم الصّوان

ينصبون الأفخاخ للحمام العابر في الفضاء

ينـزعون مواقيت الربيع ومواسمه من التقاويم ومن إيدي الأطفال وأجساد الأغصان،

يتسللون من ثياب الظلام ليقلعوا ملكة الليل من رحم الأرض لأن رائحتها تزكم أنوفهم!

يردمون منابع النهر بالحصى والرمل وما تيسّر من بشاعتهم ليعمّ الجفاف،

يسهرون طوال الليل مترقّبين على مشارف الوقت ملثمين حتى لا تبين ملامح وجوههم القبيحة، حاملين أسلحتهم التي تسمى بيضاء زورا، بانتظار أول إطلالة للصبح ليخطفوه قبل أن ترصده أعين المحبين،

يهددون الحب إن سوّلت له نفسه ببناء خيمته في مضارب قلب كما يفعل الغجر، وإن هو راح يعزف وينشد أغانيه الساحرة في تلك المضارب،

يوزّعون صور الحب كمطلوب للعدالة يُفَضَّل أن يكون ميّتا، على المارة، وفي المقاهي، وبين طيّات دواوين الشعر، وعلى الذين افترشوا سجادة صغيرة بالكاد تكفي لشخصين تحت ظل شجرة وارفة، وفي مدارس الأطفال، والحدائق العامة،

يحذّرون من التعامل معه أو التّستر عليه، وأن من يفعل ذلك فبشّره بعذاب الدنيا وبئس المصير.

عندما يتحدث أحد هؤلاء إليك تجده يحملق فيك، مركّزا النظر في عينيك لعله يلمح بريقا ما عندما تأتي سيرة الحب مصادفة، ليقبض عليك بالنور المشهود، ويقتادك مخفورا إلى أقرب معمدان ليطهّرك من رجسك العظيم، أو يقرأ عليك بعض آيات من سورة التوبة والمعوذات، لتخرج من ظلال قلبك ملائكة الحب!

يسوّقون للناس صورةً بائسة مظلمة للحب، تطغى عليها المساحات السوداء النابعة من داخلهم على بياض الصور،

لا يرون في الحب سوى خدعة لضعاف العقول، ومضيعة للعمر الثمين!

أبصارهم تعمى عما يزرعه الحب في النفوس من خمائل لا تكون إلا ببركة يديه،

وعما يوّلده من صباحات لا تُبهج إلا بفعل سحره،

وأغانٍ لا يكتسيها الجمال إلا من خلال أوتار عوده،

وأشجار لا تكبر إلا بعطاء مزنه،

وأوقاتٍ لا تمتلئ بالفرح إلا برعايته،

القميئون عاجزون عن رؤية ما يفعله الحب في الوجوه، وكيف تبدع فرشاة مكياجه في تزيينها، وبث السحر والجمال فيها،

وعاجزون عن رؤية تلك اللمعة في العيون التي أضاءها الحب،

فيا صديقي لا تصغِ إلى هؤلاء، ولا تجعلهم يفسدون مزاج محبوبتك، ولا تُتح لهم المجال لخطف حبكما من أحضان قلبيكما، ولا سعادتكما من بين أيديكما.

عيشا ما استطعتما الحب، ففيه عمر لا يستعاض.

back to top