لبؤة الثغور
نشر
في 08-06-2010
آخر
تحديث 08-06-2010 | 00:01
(والله حالة)... انتهينا من أسود الثغور فانقضت علينا لبؤات الثغور! فالمرأة السعودية التي روّج المحافظون طويلاً لفكرة عزلها كي تكون «جوهرة مصونة ودرة مكنونة» تحولت اليوم بفضل سياسة الحفظ والتهميش إلى قيادية في تنظيم «القاعدة» توزع الأحزمة الناسفة وتجند الانتحاريين وتنقل الرسائل بين الخلايا النائمة, وبهذا يكون التنظيم الإرهابي الشهير أول جهة تحقق المساواة بين الجنسين!ففي الوقت الذي حققت فيه المرأة السعودية نجاحات لافتة في الخارج، حيث اعتبرت جامعة هارفارد الدكتورة حياة سندي واحداً من بين 15 عالماً غيروا وجه التاريخ، وحظيت أبحاث الدكتورة غادة المطيري باهتمام كبير من قبل المراكز البحثية في الولايات المتحدة قدمت لنا الحركة النسائية في الداخل نماذج نسائية مرعبة مثل «أم الرباب» و»أم أسامة»!دخول المرأة السعودية في لعبة التطرف والعمليات المسلحة هو أخطر منعطف يمكن أن تمر به عملية مكافحة الإرهاب, فمهما تحدثنا عن كفاءة الأجهزة الأمنية وقدراتها الاستثنائية على توجيه ضربات قاسية ومفاجئة لتنظيم «القاعدة»، فإن التعامل مع ملف الشبكات الإرهابية النسائية يبدو مسألة في غاية الصعوبة لأسباب اجتماعية وقانونية مختلفة.فالمرأة من الناحية القانونية «مواطن افتراضي» حيث يترك لولي أمرها الحق في حصولها على بطاقة لإثبات الشخصية، أو إبقائها اسماً عابراً في بطاقته, وهنا تكون عملية التأكد من شخصيتها مسألة في غاية التعقيد, بل إن حتى توجيه الأسئلة إليها بشكل مباشر تعد مسألة دونها خرط القتاد! ولا يخفى على أحد أن تنظيم «القاعدة» ليس تنظيماً مبتدئاً، بل هو أقوى تنظيم مسلح في العالم، ويملك من الأدوات والقدرات ما يساعده على اختراق هذا العالم المجهول الذي يسمونه «النساء», كما أن إصرار التيار الإسلامي على احتكار المؤسسات التعليمية الخاصة بالمرأة ووضعه العراقيل الدائمة أمام فرصها في العمل (اعترفت وزارة العمل أنها عجزت عن تخطي العراقيل أمام عمل المرأة وتعرضت للتهديد، وأن 78% من الخريجات عاطلات ووصفت الأمر بالكارثة!) بالإضافة إلى مراقبة كل خطوة تخطوها المرأة داخل مجتمعها... كلها أمور عززت من غموض عالمها ومنحتها قدرات عجيبة على الإبحار في «المجهول»!إن الحماسة الشديدة لتهميش المرأة والتعامل معها باعتبارها كائناً افتراضياً ليس له صورة أو بطاقة تثبت شخصيته، لهو الطريق السهل الذي قد يمكن تنظيم «القاعدة» من تجنيد أعداد كبيرة من النساء, وقد لا يصدق أي شخص يعيش خارج المملكة أن التيار الإسلامي مازال يرفض تسمية مدارس البنات كما هي الحال مع مدارس البنين حتى لو كانت هذه الأسماء لصحابيات جليلات، حيث يكتفي بترقيم مدارس البنات على طريقة: «المدرسة الثالثة والأربعون... وهكذا»!ومثل هذه الظروف الغرائبية جعلت مجموعة كبيرة من النساء غير قادرات على تمييز حقيقة الأشياء، ما يسهل وقوعهن في الشبكات الخفية للتنظيم الإرهابي، إما تحت غطاء الأعمال الخيرية، وإما خلف ستار التجمعات الدعوية, كما أن قسماً كبيراً منهن يتورطن في أعمال ارتكبها الزوج أو الأخ فيتبعن سياسة الهروب إلى الأمام، حيث يصبحن ضحايا لسياسة المصاهرة التي ينتهجها تنظيم «القاعدة», وهكذا كلما قتل رجال الأمن زوجاً إرهابيا تزوجت أحد شركائه في الخلية, هذه ليست مبالغة... فإحدى الهاربات إلى اليمن لديها ثلاثة أولاد من ثلاثة أزواج قتلتهم الأجهزة الأمنية في مواجهات متفرقة!«لبؤة الثغور» مهما بدت مرعبة وحادة الأنياب، فإنها في حقيقة الأمر مجرد فريسة تستحق الشفقة!* كاتب سعودي
