آمال الشعبي سيستخرج الملح

نشر في 30-07-2009
آخر تحديث 30-07-2009 | 00:00
 محمد الوشيحي بعدما كان في السابق يعتمد على القصف الجوي والبحري فقط، أنزل "التكتل الشعبي" دباباته ومدرعاته على الأرض، وزودها بالوقود والمقاتلين، وستسقط دفاعات الحكومة في أول شهرين من بدء دور الانعقاد المقبل. في أمان الله، سلّمي لنا على الوالدة.

كان المطلوب فقط من "الشعبي" هو النية، نية إسقاط الحكومة، والباقي سهل، فالأخطاء متوافرة في الجمعيات والصيدليات المناوبة، والسرقات أوضح من عين الشمس. والنية توافرت الآن. ومسلّم البراك حسم أمره، وها هو يشد وثاق مسدسه على وسطه ويتفقد الطلقات، وينتظر تقارير الرادارات التي زرعها فوق بعض الوزارات، والزعيم أحمد السعدون، الذي اكتشف أن دواء التهديد يخفف المرض لكنه لا يشفيه، قرر هذه المرة بتر الساق المسرطنة، فرفع سيفه إلى الأعلى، على ضوء الشمس، يتفقده ويتأكد من خلوّه من الثلوم... لذا فسأسدي نصيحة لوجه الله: من يمتلك أسهماً في الحكومة فليبعها الآن الآن وليس غداً.

التكتل الشعبي، اقتنع بأن طريقة المهاتما غاندي بالتلويح بغصن الزيتون لم تعد مجدية، خصوصاً بعدما شرع الجهلاء في جمع الحطب لنار الطائفية. وإن كان من شيء يُقتدى به من سيرة غاندي، فهو الاعتماد على النفس في حياكة الملابس واستخراج الملح من البحر، دون انتظار ملح الحكومة... وبالمناسبة، كانت تعليمات القيادة في لندن للجيش البريطاني المحتل واضحة: "إذا استعر الخلاف الديني بين أطياف الشعب فلا تميلوا إلى جهة على حساب أخرى، ابتعدوا وراقبوا فقط، لكن لا تتركوا الشعلة تنطفئ"، وهذا ما تم. وكان "علماء" المسلمين يتخاصمون على شكل الحجاب، وهل يجب تغطية وجه المرأة مع شعرها، أم يُكتفى بشعرها فقط، وكان "علماء" الهندوس يختلفون فيما بينهم على مكانة القرد الدينية، هل هي تعادل نصف بقرة، أم ربعها، أم أن عبادة القرد ليست ضرورية ولا ملزمة وإنما هي تجلب البركة فقط. وجاء بعد ذلك غاندي فقلب الموازين، وكانت أولى خطواته محو الأمية، وتوزيع المنشورات، والاعتماد على النفس في حياكة الملابس واستخراج الملح كي تتأثر إيرادات بريطانيا، وقاد المظاهرات السلمية حاملاً غصن الزيتون، وقام بأمور أخرى كثيرة، إلى أن حصلت بلاده على الاستقلال.

الشعبي الآن أدرك ألا أمل في الحكومة، فهي فوق فسادها، وتجييرها النفط والاستثمارات لمصالح البعض، هي أيضا لا تحرك ساكناً ولا تنفخ هوف على نيران الطائفية المشتعلة، ولا تساعدنا على جلب الماء لإطفاء نيران محمد هايف وعدنان المطوع وغيرهما من "علماء" المسلمين، بل أظنها هي التي تزوّد فاكس المهري بالأوراق والحبر "كي لا تنطفئ الشعلة".

وبما أن الحكومة لن تصلح نفسها، ولن توفر الملح للبسطاء، في حين تحرص على توافر "الكاتشاب" والصوص الفرنسي على موائد تجار الجشع، فقد قرر الشعبي استخراج الملح بنفسه، وها هو يشق طريقه في اتجاه البحر، في الوقت الذي تتقدم فيه دباباته من مقر الحكومة... قضي الأمر، وسقط غصن الزيتون من يد السعدون.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top