جاك الموت يا تارك الصلاة !!

نشر في 04-11-2009
آخر تحديث 04-11-2009 | 00:00
 سعد العجمي أثبت التلويح باستجواب رئيس مجلس الوزراء، أن أداة الاستجواب الدستورية ليست شراً مطلقاً كما يروج الكثيرون، بل هي أحد أهم عوامل التوازن في العمل السياسي بين الحكومة والمجلس، لاسيما إذا ما كان الاستجواب من نوع «استجواب أم الهيمان».

بغض النظر عن الطريقة والزمان والمكان الذي تم خلاله إعلان ثلاثة نواب تقديم استجواب لرئيس الحكومة، على خلفية كارثة أم الهيمان البيئية، فإن تداعيات ما حدث كشفت عددا من الحقائق التي يجب التوقف عندها والتأمل فيها.

الاستجواب أكد بما يدع مجالاً للشك أن حكومتنا لا تملك المبادرة، فجميع مواقفها وتعاملها مع الأحداث، هي ردود أفعال دائما وأبداً، كما أنها رسخت الانطباع السائد لدى الشارع بأنها حكومة لا تفهم سوى لغة التهديد والوعيد.

مشكلة أم الهميان تجاوز عمرها خمسة عشر عاما تقريبا، كان بإمكان الحكومة خلالها أن تجد الحلول، وهي فترة شهدت الكثير من المطالبات الشعبية والنيابية بإنقاذ أهالي تلك المنطقة من سحب الموت التي تحوم فوق رؤوسهم يوميا، لكن الحكومة كانت تتعامل مع تلك المطالب وفق قاعدة «أذن من طين وأذن من عجين» وكأن من يقطن في تلك المنطقة المنكوبة مواطنون من الدرجة الثانية.

بمجرد إعلان النواب الثلاثة، حماد والطاحوس والحويلة، استجواهم المنتظر، جندت الحكومة خيلها ورجالها، وكان «الموت جاك يا تارك الصلاة»، لتبدأ الزيارات وتعقد اللقاءات، وتشكل اللجان، وتطلق الوعود بإغلاق بعض المصانع المخالفة هناك، وهو وضع يجعلك تشفق على هذا البلد بسبب الطريقة التي يدار بها، فالتفسير المنطقي يقول إن هذه التحركات المفاجئة هدفها إنقاذ رئيس الحكومة من الاستجواب وليس إنقاذ خمسة وأربعين ألف مواطن يقطنون تلك المنطقة من الأمراض التي فتكت بهم.

المعلومات تشير إلى أن بعض مصانع «الموت» هناك منحت لأصحابها بطريقة مخالفة، فيما دولة القانون «المزعومة» دكت بآلياتها ومعداتها الدواوين والجواخير والحدائق المخالفة، لكنها وقفت عاجزة عن إزالة تلك المصانع لأن الحكومة يصيبها «الحول» عند تطبيق القانون.

على كل لقد أثبت التلويح باستجواب رئيس مجلس الوزراء، أن أداة الاستجواب الدستورية ليست شراً مطلقاً كما يروج الكثيرون، بل هي أحد أهم عوامل التوازن في العمل السياسي بين الحكومة والمجلس، لاسيما إذا ما كان الاستجواب من نوع «استجواب أم الهيمان» لأننا نتحدث هنا عن مسألة سياسية تتعلق بإنقاذ حياة المواطنين من الموت، وهو ما لايمكن أن يعارضه أي عاقل داخل المجلس وخارجه.

مشكلة الحكومة أنها لا تملك الرؤيا ولا تجيد فن إدارة الملفات السياسية الخلافية، والدليل طريقة تعاطيها مع تطورات هذا الملف بعد التلويح بالاستجواب، بل إنها خلطت بين الجانب الإنساني والجانب السياسي في هذه القضية، كون هدفها في الأصل قطع الطريق على المستجوبين وليس إيجاد الحلول النهائية لهذه الكارثة.

الدليل على كلامي هذا أن الحكومة عندما بعثت وزيرها الروضان وبعض مسؤوليها إلى تلك المصانع المخالفة تمت دعوة بعض النواب الذين لم يوقعوا على صحيفة استجواب رئيس الحكومة، كمكافأة لهم ولتلميعهم أمام ناخبي المنطقة بعد الإحراجات والانتقادات اللاذعة التي تعرضوا لها خلال الندوة التي شهدت تبني الاستجواب، بينما العقل والمنطق يقولان إن دعوة «ثلاثي الاستجواب» للمشاركة في الجولة التفقدية، هو الأجدر والأفضل بالنسبة للحكومة التي لا ترى أبعد من مؤطى قدمها، فمفاتيح اللعبة السياسية التي دخلتها جاءت بيد سعدون حماد وخالد الطاحوس ومحمد الحويلة وليس بيد دليهي الهاجري وسعد زنفير!!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top