في الوقت الذي تبلغ درجة الحرارة خلال هذا الأسبوع 50 درجة مئوية، وربما أعلى بقليل، تصر الحكومة على أنها لا تتعدى 49 درجة بل ربما أقل، كما يستمر انقطاع الكهرباء والماء عن بعض المناطق السكنية، ويعود الحديث عن القطع المبرمج.

Ad

وسط هذه المأساة التي تشهدها الكويت، يطالب قياديو وزارة الكهرباء، المواطنين والمقيمين، بترشيد استخدام الكهرباء والمياه، وإطفاء أجهزة التكييف بينما تناصف الحرارة درجة الغليان، بسبب بلوغ معدلات الاستهلاك مشارف الإنتاج، وهذا بعد أسبوعين فقط من إقرار البرلمان الحالة المالية للدولة، والتي رُحل بموجبها فائض سجل كاحتياطي عام 16.6 مليار دينار كويتي، واحتياطي للأجيال القادمة 63.989 مليار دينار كويتي، وبمعنى أكثر بساطة: فوائض ميزانية هذا العام المرحلة للمستقبل بلغت 80.589 مليار دينار كويتي فقط لا غير.

بلاغات انقطاع المياه والكهرباء ترتبط طرديا مع مطالبات القياديين بالترشيد، وتتواصل اجتماعاتهم مع استمرار الانقطاع، وكأن المسألة بالنسبة لهم مجرد ظهور إعلامي وإبراء ذمة، لأن وزارة الكهرباء التي يطالبنا قياديوها بترشيد الاستهلاك هي ذاتها الوزارة التي لم تقم بدورها طوال الاثني عشر عاما الماضية، فلا هي واكبت المشاريع الإسكانية والمناطق الجديدة، أو وازنت الإنتاج مع تحول مواقع سكنية إلى تجارية واستثمارية، ولا هي التي سعت إلى تحصيل الفواتير المتراكمة أو حدّثت طريقة وآليات عملها.

في 1998 كان معدل انتاج الكهرباء 7498 ميغاواط مقابل استهلاك 5800 ميغاواط، وارتفع معدل الاستهلاك على مدى 9 سنوات، مع ثبات معدل الإنتاج، فوعت وزارة الكهرباء عام 2007 على أعتاب أزمة شح الكهرباء، وأعلنتها حالة طوارئ، وسعت جاهدة لتفاديها، وسجل ديوان المحاسبة تقريرا عما جرى، تزاحمت فيه الحروف مع شبهات الفساد، ثم أوكلت بعد ذلك حملة الترشيد إلى جمعية المهندسين، التي روجتها من خلال رسائل وإعلانات رخيصة الشكل والمضمون، لتنتهي الحملة فلا يتبقى منها اليوم سوى موقع على الإنترنت لم يتحدث منذ عامين، ونعود اليوم من حيث بدأنا.

في مايو 2009، قبل عام وبضعة أيام، تولى وزير الكهرباء منصبه الحالي، واجتمع مع لجنة ترشيد استهلاك الكهرباء والمياه في مؤسسات الدولة، وأشاد بدورها، وأعلن بعدها أن «وضع الكهرباء جيد، وليس بالشكل المريح، والإنتاج يصل إلى 11 ألف ميغاواط، وأعلى حمل كهربائي متوقع 10 آلاف و500 ميغاواط، ولو توقفت بعض الوحدات لأي طارئ، سيكون الوضع حرجا»، وبعد قرابة عام على كلامه السابق عاد وقال قبل يومين إن «مؤشر الأحمال الكهربائية سجل خلال أمس (الأحد) رقما قياسيا جديدا حين بلغ 10 آلاف و820 ميغاواط في حين كانت الطاقة الإنتاجية 11 ألفا و10 ميغاواط»، وكأن ما حدث قبل يومين صورة مكررة لنفس السيناريو الذي يعاد سنويا منذ ثلاثة أعوام في نفس الوقت.

بعض قياديي وزارة الكهرباء يفتقر لحس المسؤولية، وتجب محاسبتهم على التقصير، فهم يطلون علينا في عز الصيف من كل عام مهددين بالقطع المبرمج، ليعودوا ويقضوا بقية العام في مكاتبهم، يختلفون على شكل إنشاء وإدارة محطات توليد الطاقة الكهربائية، وهل تقام على نظام المناقصات؟ أو الـBOT؟ أو تكون شركة مساهمة عامة؟ ويفاضلون بما تبقى لهم من وقت بين توليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية أو النووية، ليحددوا شكل رؤيتهم الحالمة المستقبلية، بينما نعاني يوميا، هنا على أرض الواقع، انقطاع الكهرباء والمياه، وارتفاع الحرارة، وقلة ذوقهم.