رغم الاعتقاد السائد بأن أسوأ ما في الأزمة قد مر، وتلاشي العديد من المخاطر التي تواجه أغلبية بنوك المنطقة، خصوصاً مع الإجراءات التي اتخذتها الحكومات لدعم القطاع المصرفي في دول الخليج من ضمانات وإعادة رسملة، فإن ذلك لم ينعكس بشكل واضح على البيانات المالية لهذه البنوك خلال عام 2009، والتي انخفضت بصورة كبيرة.

Ad

كشفت إحصائية أعدتها "الجريدة" عن انخفاض أرباح 21 بنكا خليجيا بنسبة 7.17 في المئة تم اعلان نتائجها في 2009، لتفقد 646 مليون دولار عن العام الماضي لتبلغ 8.36 مليارات دولار مقارنة بـ9 مليارات في نهاية 2008.

وكانت بنوك السعودية الأكثر إعلاناً خليجياً بإعلان الـ11 بنكا العاملة لديها أرباحا بلغت 5.76 مليارات دولار مقارنة بـ6.41 مليارات العام الماضي لتتراجع بنسبة 10 في المئة، تلتها قطر بإعلان خمسة بنوك لديها أرباحها، والتي لم تتغير كثيرا مقارنة بالعام الماضي، حيث بلغت قيمتها الاجمالية 2.24 مليار دولار مقابل 2.26 مليار دولار، في حين لم يتم اعلان أرباح 4 بنوك أخرى.

وأعلنت أربعة بنوك في عمان نتائجها المالية بقيمة بلغت 160 مليون دولار مقابل 172 مليون دولار، لتنخفض بنسبة 7 في المئة، ولم تعلن بنوك الإمارات والبحرين نتائجها باستثناء البنك العربي المتحد في أبوظبي بقيمة 75 مليون دولار، وبنك البحرين الوطني بقيمة 112.9 مليون دولار، في حين لم تعلن بنوك الكويت أي نتائج حتى الآن.

المخصصات قلصت الأرباح

ويرجع السبب الرئيسي وراء تدني هذه الارباح إلى المخصصات التي قامت هذه البنوك بتكوينها للحد من أي تداعيات سلبية قد تطالها من جراء أي تعثر قد يحدث بسبب الأزمة المالية، خاصة مع معاناة عدد لا بأس به من البنوك الخليجية من أزمة دبي ومشكلة مجموعتي سعد والقصيبي، والتي لم تظهر النتائج الحقيقية لها، لاسيما أن انكشافات البنوك الخليجية التي تم اعلانها كلها تقديرية وليست حقيقية، وهو الامر الذي دفعها إلى مواصلة بناء المخصصات التي لن تتوقف خلال 2010 إذا استمرت الأزمة.

إضافة إلى ذلك هروب الأموال الاجنبية المودعة في بنوك المنطقة، وهو ما أدى إلى تقلص عملياتها مع تباطؤ في النشاط الاقتصادي، وانخفاض اسعار الفائدة  وتقليل هوامش الربح، وارتفاع المنافسة في ما بينها لزيادة الودائع لديها، في ظل النمو البطيء للموجودات، ويشير المصرفيون إلى أن السياسة المصرفية المتشددة التي اتبعتها البنوك الخليجية في 2009 كان لها تأثيرها الواضح على بياناتها المالية، وذلك في ظل حذرها الشديد من ظهور تداعيات جديدة للأزمة.

ويأتي تأخر البنوك الكويتية عن إعلان أرباحها ليزيد من التوقعات المتشائمة التي تؤكد تراجعها الكبير خلال 2009، وهو ما ظهر واضحاً على أسهم قطاع البنوك التي شهدت تراجعاً واضحاً في آخر اسبوعين من التداولات، خاصة مع ربطها بالبنوك في دبي، والتي لم تعلن نتائجها حتى الآن والتي يتوقع لها أن تتراجع أرباحها بشكل كبير.

إجراء استباقي

وأشارت مصادر مصرفية إلى أن البنك المركزي شدد في أكثر من مناسبة مع البنوك على ضرورة تكوين المزيد من المخصصات خلال 2010 حتى لو جاء على حساب الارباح والتوزيعات، مع تأكيده أن المخصصات هي اجراء استباقي لأي ظروف طارئة قد تحدث في المستقبل، الامر الذي جعل "المركزي" يطلب من البنوك أخذ مخصصات أكثر مما طلب منها.

ولفتت المصادر إلى أن البنوك قد تواجه مشكلة جديدة في 2010، وهي تعثرها في استدعاء زيادة رؤوس أموالها المقترحة، والتي أخذت بالفعل 4 بنوك موافقات من "المركزي" على هذه الزيادة، حيث إن المساهمين المشاركين في الاكتتاب قد يواجهون مشكلة في قدرتهم على تجميع مبالغ الاكتتاب في ظل نقص السيولة التي يعانيها غالبية المستثمرين في السوق، وهو ما يهدد بفشل هذه الزيادة في النهاية.

وأوضحت المصادر أن البنوك مطالبة بإيجاد مصادر جديدة للدخل، وتعديل هيكلها الاستثماري للتواكب مع متطلبات الوضع الراهن، بعد انغلاق قنوات استثمارية أمامها كانت تعتبر من المصادر الاساسية المدرة للأرباح.

وفي المقابل، تلفت المصادر إلى أن هناك دلائل تشير إلى نمو النشاط المصرفي خلال 2010، ومنها الارتفاع التدريجي لمعدل الطلب على القروض، والمتزامن مع توصية محافظ البنك المركزي للبنوك بتخفيف قبضتها عن الائتمان خلال الفترة المقبلة دون التفريط في توجهاته، إضافة إلى ترقب البنوك لطرح المشاريع الكبرى المدرجة في خطة التنمية التي تمت الموافقة عليها.