النائب مبارك الوعلان دخل المجلس في سن متأخرة نسبياً، ومن خلال مراقبة أدائه وتحركاته نجد أنه ملهم بتجربة النائب مسلم البراك الذي بنى لنفسه مجداً يتحدث عنه الجميع، صنعه من خلال تبني طريق المعارضة لأربعة عشر عاماً تقريبا، والنائب الوعلان يدرك جيداً نه لن يقضي في المجلس كل تلك السنوات التي قضاها النائب البراك، لذلك يجب أن يختصر كثيراً من الخطوات حتى يصنع لنفسه مجداً مماثلا لمجد الأخير، وهو الأمر الذي أدى به إلى سلوك طريق «خش جامد» مثلما يقول إخواننا المصريون، فتجد له موقفاً حاداً في كل قضية تقريباً، وتسمع منه مصطلحات قوية وخطيرة، وهذا الأسلوب في العمل هو الذي أدى إلى تعثره من أول الطريق وأوقعه في حسابات خاطئة.

Ad

هل تذكرون استجواب النائب الوعلان لوزير الأشغال د. فاضل صفر؟ وهل تذكرون العبارات التي استخدمها النائب قبل الاستجواب وأثناءه؟ «خيانة عظمى»، «أنت لا تنتهك القانون فقط بل تشوته شوت»، «صفر لن يجد من يقف معه خلف المنصة»، «أنت ترعى المفسدين»، «تضليل وتدليس المجلس»، «الاستجواب فيه مفاجآت تسقط فيه حكومات»، «الفساد في عهد صفر ما تشيله لا قطارات ولا تريلات»، «أنت لاهي في رعاية المفسدين»، ثم الطامة الكبرى «روح اضحك عند أمك» والتي وجهها لرجل أمه متوفاة!

أغلب هذه العبارات كانت توحي بأن النائب كان سيعرض تجاوزات كبيرة وفضائح جسيمة، ثم جاء الاستجواب ليتبين أن كل هذا الكلام ما كان إلا «تيش بريش» وتهويلاً مصطنعاً لزوم الاستعراض ظناً من النائب أن الأمور متجهة نحو حل المجلس حتى يعود للانتخابات بطلاً قومياً.

والأمور لم تقف عند حد عدم تفاعل النواب مع استجوابه، فلم يحصل النائب على متحدث ثالث يؤيد استجوابه في سابقة تحدث للمرة الأولى، فقد جرى العرف بألا يحصل بعض الوزراء على متحدثين يؤيدونهم، وحتى أحد المؤيدين لاستجوابه مدح الوزير من حيث لا يدري عندما قال «الوزير تعمد تطبيق قوانين يضر من خلالها بمصلحة المواطنين»، وهذا طبيعي لأن بعض مصالح المواطنين فاسدة. وبعد أن فشل الوعلان من خلال تحركاته الواضحة لجمع عشرة أسماء لطرح الثقة، حاول إيهام الناس بأنه لم يسع إلى ذلك واكتفى بتحويل مواد الاستجواب إلى ديوان المحاسبة مع أن هذا التحويل لم يحصل.

ثم إن النائب الوحيد الذي اكتفى بالتحقيق في مواد استجوابه هو النائب د. حسن جوهر في استجوابه لوزير التربية د. مساعد الهارون. ففي تلك الجلسة قال النائب عبدالله النيباري عن مؤيدي الاستجواب إن «سيوفهم من خشب»، فقام النائب سيد حسين القلاف ليرد عليه قائلاً «لا يبه سيوفنا بتّارة وهذه عشرة أسماء جاهزة لتقديم طلب طرح الثقة».

المهم أن صدمة الفشل كانت شديدة على النائب الوعلان وواضحة على وجهه، ولذلك لم يكن موفقا في تبرير الفشل عندما قال إن «العنصرية أرهقت الاستجواب» لأن أغلبية النواب من مختلف الأطياف لم يتفاعلوا معه. ثم كيف يتحدث عن العنصرية من هو نتاج انتخابات فرعية عنصرية؟! ومنذ ذلك اليوم يعاني النائب عقدة اسمها فاضل صفر، وهو ما يبرر تقصده الواضح للوزير عند كل صغيرة وكبيرة وآخرها استنكاره حضور الوزير لحفل المولد النبوي الشريف بسبب أمر مختلف عليه، وكأن الوزير كان يعرف ما كان سيعرض أمامه.

نصيحة للنائب الوعلان بأن ينشغل بأمور تهم الوطن والمواطنين حتى ينقذ ما يمكن إنقاذه من تاريخه السياسي، وهمسة أخيرة في أذنه نقول فيها: البلد صغير و»ما فيه سر ينخش»، ونعرف قضية شحنة الغنم الممنوعة من الدخول وقضايا أخرى أيضاً.