في الأسبوع الماضي أصبت وإحدى بناتي بفيروس إنفلونزا الخنازير، وبفضل الدواء السويسري والمعقم الأميركي والقناع الصيني خرجنا ولله الحمد من الإصابة دون أذى يذكر ودون انتشار للعدوى للآخرين، وأتذكر بعد أقل من ساعة من أخذ أول جرعة من الدواء الامتنان المنقطع النظير الذي شعرت به تجاه العلم والتكنولوجيا اللذين أعطياني السيطرة التامة على الحرارة والألم وكل أعراض الإنفلونزا. وأثناء فترة «الحجر الصحي» تابعت أعمال وأبحاث الشركات المتعددة التي ندين لها بصحتنا وعافيتنا وحتى مستقبلنا. كلها بلا استثناء أجنبية وغير مسلمة، والقليل الموجود في العالم العربي والإسلامي هي شركات إنتاج؛ أي نسخ وتركيب لنتاج الشركات العالمية الكبرى.

Ad

وهذا ليس بجديد، فكلنا نعلم أننا مستخدمون لا صانعون، ومستهلكون لا مخترعون، ومع ذلك، ورغم اتكالنا واعتمادنا المطلق على نتاج الغرب، فإننا مازلنا إلى يومنا هذا ندعو عليهم في كل صلاة، ونطلب من الله أن يمحوهم وأن «ينصرنا» عليهم، ولا أعتقد أننا فكرنا في دعوانا هذه بشكل جدي، والحمد لله لعدم استجابته لنا.

فأول ما سنسعى إليه هو حرق كل دساتيرهم وقوانينهم «الوضعية» واستبدالها بالشريعة، ولكننا- كما نحن الآن- سندخل في حروب لا نهاية لها في تعريف هذه «الشريعة»، وحيث إننا لن نصل إلى نتيجة على هذا الصعيد، فإننا سنتفرغ لفصل الجنسين في الجامعات ومراكز البحث والدراسة، ثم سنضع هيئة شرعية تختار ما يجوز دراسته وما يحق لهم بحثه لمنع «العلوم العلمانية»، كما هي المحاولات حالياً «لأسلمة» جامعة الملك عبدالله! لذا فإن البحوث في كل العلوم التي لا وجود لها في أيام السلف الصالح.

بعدها بالتأكيد سنمنع نساءهم من العمل لأنهن غير مسلمات وغير محجبات، مما سيشل أكثر من 60% من طاقم العمل في هذه الجامعات والمراكز، بالإضافة إلى المستشفيات والعيادات الطبية، ويضع رجالهم وأسرهم تحت ضغط هائل لسد احتياجات المجتمع من العمالة المدربة وذات الأخلاق المهنية العالية التي لا يمكن أن نسدها لهم.

لذا فانه بقدوم الوباء الجديد سيكون العالم كله مشغولاً بحرب «تطبيق الشريعة»، ولن يكون هناك من يدرس أو يبحث أو يخترع العلاج لنا أو لهم، وسنفنى نحن وهم ولن يبقى مَن يعمر أرض الله.

فرجاءً حاراً لجميع المسلمين- في صلاة الجماعة القادمة ادعوا لهؤلاء بالمزيد من التقدم والازدهار، واشكروا ربكم الذي أعطاهم سماحة مشاركتنا نتاج عملهم، واطلبوا أن يعطيكم بعضاً مما أعطاهم من حب للعمل والعلم، ومما خصهم به من أخلاق والتزام.

على صعيد مختلف: يقول أحدهم «الكويت إسلامية، ومن يريد الثورة الفرنسية فليذهب إلى فرنسا»! ...عزيزي ليس لدينا جوازات سفر فرنسية. ما عذركم؟