بلاغة شف تقرير بلير وأشياء أخرى
لا يحمل تقرير توني بلير جديداً مميزاً، بل هو تكرار لملاحظات قِيلت أكثر من مرة من قبل وتناولتها لجان حكومية وأخرى شعبية وجهات بحثية، ولا ندري ما هو مبرر التسويق الإعلامي الكبير الذي تقوم به الحكومة لهذا التقرير... ففي نهاية الأمر يحمّلها التقرير كل المسؤوليات باعتبارها السلطة التنفيذية المهيمنة على مصالح البلاد، وهي الجهة المسؤولة عن تطبيق التوصيات الواردة في دراسة بلير.
هناك جانب سياسي واضح في التقرير لا نعلم كيف ستتعامل معه الحكومة، وهو الملاحظة الخاصة بمراجعة السياسة الإنفاقية ومعالجة التضخم في الباب الأول (الأجور والرواتب)، والذي وصل إلى ستة مليارات دينار سنوياً.هل ستلجأ إلى خصخصة القطاعات الحيوية التي تشكِّل نسباً عالية من التكدُّس الوظيفي والبطالة المقنَّعة؟ هل تملك الإرادة السياسية والقوة والحزم والمواجهة لتنفيذ ذلك؟ في ظل الوضع الراهن نشك في ذلك، فها هي الحكومة تخلط الحليب بالماء عند أي استجواب، فما بالك بقضايا مصيرية كتلك التي أوردها تقرير بلير؟ إن التسويق والترويج المبالَغ فيهما لمثل هذه الأفكار أو الدراسات دون الأخذ بشيء مما جاء فيها قد تكون مردوداتهما وانعكاساتهما سلبية وخطيرة، لأنها تنتهي كحال من يعطي وعوداً ثم لا يفي بها.الأجدر والأصلح للحكومة أن تركز على خطتها التنموية لاسيما أنها خطة ملزمة بحكم القانون، وهي مسؤولة عن تطبيقها وتنفيذها وفق البرنامج الزمني المحدد لها... ولعلّها تحقق شيئاً مما جاء فيها فتغرس بذور الثقة بالوعود الحكومية عند الناس. ***غيَّب الموت المفكر المبدع د. فؤاد زكريا، وكان لنا مع بعض الأصدقاء والزملاء شرف الدراسة على يديه عامي 75 و76، وكان -رحمه الله- صديقاً أكثر منه أستاذاً... علَّمنا كيفية استعمال العقل ودرَّسنا الفلسفة بمعنييها المادي والذهني من العقل والثورة لهيغل مروراً بفلاسفة العصور الوسطى... حتى فلسفة الموسيقى كان يتحدث عنها بمتعة لم نشهدها عند غيره.وحين نشر محمد حسنين هيكل كتابه «خريف الغضب» في جريدة «الوطن» إبان رئاسة الزميل محمد مساعد الصالح لتحريرها، ردَّ عليه فؤاد زكريا بسلسلة من المقالات بعنوان «كم عمر الغضب؟» أغضبت هيكل ولم تعجبه... كان مدافعاً عن الكويت وشبابها الذين أعطاهم الكثير من وقته وقلبه... كان واحداً من سلسلة أعلام ومفكرين وهبهم الله وسخّرهم للكويت مثل د. عثمان خليل عثمان، والسنهوري، ود. أحمد زكي، وأحمد بهاء الدين، ود. عبدالرحمن بدوي، ود. عبدالفتاح إسماعيل، وغيرهم كثير... كانوا رجالات الزمن الجميل... رحم الله د. فؤاد، وعزاؤنا فيه أن فكره باق تتوارثه الأجيال.***انضم إلى أسرة «الجريدة» الزميل الكاتب والأخ الصديق حسن العيسى، ونحن على ثقة ويقين بأن أبا حامد سيكون إضافة من الإضافات التي تقدمها «الجريدة»، لأن عطاء حسن العيسى عطاء مميز بصدقه ونقائه وبُعده عن المجاملة، ولأنه من قلة قليلة أقلامهم هي ضمائرهم التي يرون الناس بها، ويرونهم من خلالها... فحللت أهلاً يا أبا حامد، ووطئت سهلاً.