عيد الفوز بالنقاط

نشر في 28-09-2009
آخر تحديث 28-09-2009 | 00:00
 محمد صادق الحسيني صحيح أن السماء في أكثر من بلد عربي وإسلامي ملبدة بغيوم سوداء ثقيلة، وصحيح أيضا بألا أخبار مفرحة لدينا نزفّها للناس بمناسبة العيد، وصحيح أيضا بألا انفراجات في الأفق لأي من المشكلات أو الأزمات المزمنة التي اعتدنا على متابعة تطوراتها عبر نشرات الأخبار اليومية، لكن الصحيح أيضا أن معادلة الأقوياء المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، الذين شنوا أكثر من حرب ضدنا، وغزوا أكثر من بلد عربي أو إسلامي في السنوات الأخيرة، هم الآخرون في وضع لا يحسدون عليه إن لم يكونوا في وضع أقرب للكارثي.

فالـ«أطلسي» في أفغانستان وفي مقدمته الأميركيون يغرق في وحل الهزائم، وبلاد نورستان تكاد تبتلعهم كما فعلت من قبل مع الإمبراطورية العجوز وإمبراطورية الزحف الأحمر، والإمبراطوريون الجدد يخسرون مواقعهم التقليدية في العراق وإن ببطء، ويجعلون من بطانتهم مع كل يوم يمر في وضع أكثر صعوبة من ذي قبل.

والصهاينة الغاصبون لا يقدرون على شيء، فلا هم قادرون على شن حرب جديدة بيسر واقتدار، ولا هم قادرون على فرض استسلام مهين على فصائل الجهاد والمقاومة والكفاح ورجال الحرية والتحرر الوطني.

ثم إن جموع الروم من أميركيين وأوروبيين وصهاينة هم اليوم أقرب ما يكونون فيه إلى وضعية «البرزخ» في معادلة الهجوم والدفاع، وحال قادتهم وكبار ضباطهم وجنودهم أشبه ما تكون من وصف الآية القرآنية الشريفة لأولئك المتأرجحة أرواحهم بين الموت والحياة: «لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى».

أما من جهتنا نحن فقد لا نكون قادرين بالفعل على حسم أي من معارك التحرير أو التحرر من الاستعمار الجديد أو الاستبداد المزمن في بلادنا، لكن قدراتنا على صد الهجمات ووقف الزحف وإحباط المخططات الجهنمية تزداد بلاشك ولا ريب... من هنا ترى انتشار المعارك بيننا وبينهم على أكثر من صعيد، فالحرب في أفغانستان مستعرة، وتزداد وخامة على رجال الروم الذين بدأت ضربات المجاهدين تحاصرهم في القصور، وتلاحقهم في قواعدهم ومطاراتهم العسكرية فضلا عن تصيد عرباتهم الحربية.

والتغيرات الكامنة في بلاد الرافدين تنبئ عن ملامح عراق جديد أظنه لن يكون لمصلحة عملاء الغزو وبطانة الاحتلال، ويبشر بآفاق جديدة خارطة طريقها في علم الغيب، والراسخون في مدرسة المقاومة.

وأما في فلسطين الجريحة والنازفة فإنهم، ورغم كل صيحات شذاذ الآفاق وتهديدهم ووعيدهم وما يسمى بتشددهم وتطرفهم، فإن حالهم الحقيقية أشبه ما تكون بحال مغني الليل الدامس الخائب والخائف والمرعوب من أخبار الغد وعالم ما بعد الغد، وهو في كل الأحوال قد بدأ العد العكسي في صيرورة النزول بعد أن أخذ يصارع من وراء جدر.

وأما لأولئك الذين لايزالون يمنون أنفسهم بحصول شيء ما، أي شيء كان في دمشق أو طهران مما وعدهم به الأميركيون أو غيرهم فإننا نطمئنهم، بأن الميعاد فات، وغلبت الروم هناك، وليس في الأفق ما يؤمل بأنهم من بعد غلبهم سيغلبون.

لقد تجاوزت دمشق الصعاب والأفخاخ والمطبات، وانتصرت طهران على المتطاولين عليها من بعض أدوات الروم الصغار، وعلى كل من سولت له نفسه أن يسوق لنظريات بالية كان مصيرها العزلة أو الابتلاع من قبل طوفان جمهور يوم القدس الإسلامي والعالمي، وها هي تستعد لمعركة ذرة جديدة.

ثم إنهما يستعدان لبناء وحدة عمل إقليمية يمتد مداها إلى مشارف الأطلسي عبر ممر أنقرة، بانتظار أن ينتهي كل من لبنان والعراق من استحقاقهما الانتخابي ليصبح «شبح» المحور السوري-الإيراني الذي أرق الكثيرين وحبس أنفاسهم، جبهة ممتدة من البحر الأسود والبسفور والدردنيل إلى شواطئ المتوسط المطبقة على سواحل حيفا وعسقلان.

تستطيعون أن تصوروا كل ما تقدم على أنه ليس سوى «أضغاث أحلام» ولا يضيرنا ذلك في شيء إن لم يكن يفيدنا، لكن العاقل هو من يعد العدة للأسوأ حتى لو كان في ظهر الغيب.

لقد انتهت سبع سنواتكم السمان أو تكاد، وها هي السبع العجاف بانتظاركم ولم تعدوا العدة لها، لاسيما أنكم فوجئتم بانهيار كازينو القمار العالمي الذي ظننتم أنه دائم لكم. أما نحن فإننا في كلا الاحتمالين سنكون من المسرورين، لأننا، حتى الآن، فائزون عليكم بالمرتبة والنقاط كما تقول الآية الشريفة: «إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ» ولأننا نائلون من الله إحدى الحسنيين، نصر أو استشهاد أليس كذلك؟!

أما أنتم فهل بإمكانكم أن تبزونا في ذلك وأنتم أحرص الناس على حياة، حتى لو في أوحال الطين الممتدة من بغداد إلى كابول أو في بيوت هي أوهن من بيت العنكبوت كما هي حال ربيبتكم إسرائيل؟!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top