لا للابتزاز... ونعم لاسقاط القرض الصدامي


نشر في 04-06-2009
آخر تحديث 04-06-2009 | 00:01
 حسن مصطفى الموسوي من السهل جدا الانجراف وراء التصعيد والتصعيد المقابل، والبعد عن الإنصاف والمنطق، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالعلاقات بين بلدين كان لهما تاريخ في العلاقات غير المستقرة، إثر قيام أحدها بغزو الآخر. لكن يجب على المسؤولين والسياسيين والإعلاميين معالجة هذا الملف بحكمة بعيداً عن كل مغريات الشهرة واللعب على عواطف الناس.

الأزمة المفتعلة أخيراً بيننا وبين العراق مثال لكيفية اختطاف الرأي العام في كلا البلدين من قبل المتطرفين على حساب الحكمة في حل المشاكل، نعم نريد أن تبقى مسائل الحدود والتعويضات على البند السابع في مجلس الأمن حتى نضمن حقوقنا، لكن هل من الحكمة الرد على تصريحات نيابية رعناء في الجانب العراقي بتصريحات نيابية أكثر رعونة من جانبنا؟! وهل من الحصافة والكياسة والحكمة السياسية وصف رئيس وزراء دولة كبرى وجارة لنا بـ»الصعلوك» والمطالبة باسترجاع سفيرنا في بغداد؟! وهل يجرؤ النائب وليد الطبطبائي على إطلاق مثل هذه الأوصاف على أي رئيس لدولة عربية ذات ثقل ووزن إقليميين؟!

جميعنا ضد هذا التصعيد من قبل بعض النواب العراقيين، لكن يجب علينا وضع الأمور في نصابها الصحيح وعدم تحقيق مراد مثيري الفتنة وتفويت الفرصة عليهم، خصوصاً أن التصريحات التصعيدية الرعناء صدرت من نواب وليس من الحكومة العراقية التي لم تتبع هذه النبرات الحادة، إن كانت لها ملاحظات ومطالب تجاه حل المشاكل العالقة بعيدا عن الفصل السابع. فمثل هذه الأمور لا تحل عبر الإعلام والتصريحات المتبادلة، بل من خلال القنوات الدبلوماسية والحكمة، ويبدو أن مشكلتنا هي كثرة الصحف، وبحثها عن السبق الصحافي والتميز بإثارة مواضيع مختلفة، بحيث بات من المطلوب على كل نائب التصريح في كل شاردة وواردة وإلا أصبح يغرد خارج السرب!

من ناحية أخرى، أعتقد أن الأحداث الأخيرة تعد فرصة مناسبة لتناول موضوع القروض الكويتية للعراق إبان العصر الصدامي البائد، حيث بات البعض يضع خطوطاً حمراء على إسقاطها مع أن المنطق يقول عكس ذلك تماما. فمن المعروف أن الدول تمنح قروضا لدول أخرى من أجل مساعدتها أو لتمويل مشاريع تنموية، لكن ما جرى مع قرضنا للعراق في الثمانينيات مختلف تماماً لأن القرض لم يكن لخدمة الشعب العراقي وحل بعض مشاكله، بل كان مخصصاً لصدام الذي استعمل تلك الأموال لقمع شعبه وإبادتهم ولتمويل حربه ضد إيران، وهي حرب كانت مفروضة من أميركا وأتباعها لأسباب معروفة للجميع، وبتمويل من دول الخليج.

لذلك، هل من العقل والمنطق والإنصاف أن نطالب ضحايا صدام بتسديد الأموال التي كانت تستخدم لقمعهم وإبادتهم؟! فيجب علينا تحمل مسؤولية قراراتنا الخاطئة في الثمانينيات بتقوية ذلك النظام العفلقي الذي تحول إلى غول إلى أن غزانا بدلا من إلقاء المسؤولية على ضحاياه!

أدرك أن كثيرين سيكابرون وسيصرون على أن القرض كان واجباً وإحسانا قوبل بإساءة، لكن المطالبة باسترجاع ذلك القرض هو أهم الأسلحة التي يستخدمها مثيرو الفتنة لتأجيج المشاعر ضدنا، ونحن نعلم تمام العلم أن هذه الأموال لن تسترد، فلماذا لا يكون إسقاط القرض الصدامي في الوقت المناسب كبادرة حسن نية و»المنة عليهم»، بدلا من أن تفرض علينا من دون الحصول على أي مقابل؟!

***

في الجمعة الماضية وفي أثناء وجودي خارج البلاد تلقيت اتصالا من الأخ علام الكندري أمين عام مجلس الأمة للتعليق على مقال الأسبوع الماضي، في البداية ظننت أن الاتصال مقلب، خصوصاً أن صوته يشبه صوت أحد الأصدقاء، لكن مع نهاية المكالمة تيقنت عكس ذلك. في البداية أشكر الأخ «بوأنس» على تواصله وتوضيحه في «الجريدة» أيضاً.

أما بالنسبة لأسلوب المقال، فأدرك أنه كان قاسياً، لكنه نابعٌ مما حصل في جلسة الافتتاح في العام الماضي ولم يعقبها أي توضيح للجمهور الذي رجع أغلبه بخفي حنين، كما أن التصريح الأول عن استعدادات افتتاح هذا العام لم يشر إلى إمكان حضور الجمهور، وكان ذلك مؤشراً على احتمال تكرار سيناريو العام الماضي، لكن مادام الأمين العام استدرك الأمر ونشر التوضيح وطبقه فعلياً وبالدقة في يوم الافتتاح، فلا نملك إلا أن نشيد به ونتمنى منه الاستمرار في هذا النهج.

back to top