خامنئي يحاصر «إيران أولاً»
بالخمينية المقدسية!

نشر في 24-09-2009
آخر تحديث 24-09-2009 | 00:00
 محمد صادق الحسيني لقد أثبتم أيها الشعب العظيم بوحدتكم والتحامكم والتقاطكم الاتجاه الصحيح للبوصلة في يوم القدس العالمي أنكم تعرفون كيف تميزون بين العدو والصديق؟ وكيف تشخصون الموقف الصحيح في الزمن العصيب، من دون أن تضيِّعوا اتجاه عقارب الساعة!

كان هذا أهم ما قاله المرشد علي خامنئي في خطبة صلاة العيد.

لقد كان إذن واضحاً كل الوضوح، وكان شفافاً بما فيه الكفاية، في الدفاع عن الخمينية وعن مبادئ الثورة الإسلامية الأولى -التي حاول البعض من صغار القوم، متأثرين بأعداء الخارج سواء كان ذلك بسبب كلل أو تعب أصابهم، أن يتراجعوا في مسيرة النضال لا فرق- عندما صرح مرشد الثورة الأعلى آية الله السيد علي خامنئي بأن اتجاه البوصة لايزال مصوباً نحو القدس، وبأن عدو الأمة المركزي هو إسرائيل والصهيونية العالمية وكل من يقف وراءهما، لاسيما الأنغلوساكسونيين!

كانت تلك هي الرسالة الأهم التي وجهها خامنئي نحو الخارج منذ انتخابات الرئاسة، ودلالتها أنها جاءت متطابقة مع ما كان قد ذهب إليه الأمين العام لـ»حزب الله» اللبناني السيد حسن نصرالله بأن الإيرانيين يقدمون لنا كل شيء -أي حتى السلاح من دون حدود- خصوصاً في ظل حكومة نجاد.

وأما رسالته الأهم نحو الداخل، فقد كانت تحذير كبار القوم من «التراشق والقذف بالتهم والإبقاء على أجواء سوداوية تمنع من النهوض بالبلاد نحو درجات أعلى، قال إن إيران بحاجة ماسة إليها لمواجهة تحامل العدو الأجنبي وتكالبه ضد كل أطياف ثورتها ونظامها من دون استثناء»، كما قال، منبهاً الحكومة والقضاء إلى ضرورة الحزم وعدم التراخي، لكن ليس على أساس أجواء من سوء الظن والإشاعات والقيل والقال، بل على أساس متين من الأدلة والبراهين المتقنة، وإلا لن يبقى حجر على حجر!

والملفت أن هذا الكلام قد قيل بحضور كل من رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام ورئيس مجلس خبراء القيادة الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني، بالإضافة إلى حفيد مؤسس الثورة سماحة السيد حسن الخميني، اللذين يحضران لأول مرة في مناسبة علنية مع المرشد، وهما اللذان ظلا موضع جدل مستمر بشأن حقيقة موقعهما في الاصطفافات والاحتكاكات والحراك الصاخب الذي عصف بالنخب الإيرانية وكبار قادتها منذ الاضطرابات التي أعقبت انتخابات الرئاسة الإيرانية الأخيرة.

وعليه، فإن شعارات «لا غزة ولا لبنان نفديك يا إيران، والموت لروسيا، ونريد جمهورية إيرانية فحسب»، التي ظهرت على لسان بعض المتظاهرين في يوم القدس العالمي، أنما هي أمر عمليات إسرائيلي أنغلوساكسوني، لم يستطِع أن ينفذ عميقاً في صفوف الشعب الإيراني الموحد والمتحد والملتف حول مبادئ الخمينية، حسب خامنئي.

لقد ابتلعتهم موجات الشعب الجماهيرية وحاصرتهم من كل جانب، حتى تحولوا إلى سراب، كما قال خامنئي من دون أن يتعرض لهم بالإشارة المباشرة بالطبع، لا بل إن قيادات الإصلاحيين الذين خسروا معركة الرئاسة والذين سعوا إلى التعويض عن هذه الخسارة من خلال محاولة النزول إلى الشارع، قد تمت مواجهتهم بعنف ومحاصرة سياراتهم ومنعهم من النزول، ما اضطرهم إلى اختيار طرق فرعية والتواري عن أنظار الرأي العام، خوفاً من غضب الناس.

بائسون هؤلاء الذين حاولوا الوقوف بوجه موجات الناس العارمة المدافعة عن أسوار القدس، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي الإيراني.

وبائسون أكثر بل هم منافقون وكاذبون، عندما يقولون إنهم مستعدون للاستشهاد من أجل إيران، ولأنهم يخفون في قرارة أنفسهم حبهم وعشقهم اللامتناهي للأنا الفردية والحزبية وحب الزعامة والوجاهة أكثر من حبهم لإيران.

لقد خانتهم الذاكرة، وهم يلجأون اليوم إلى هذا الخيار المشبوه، وبعد ثلاثين عاماً من قيام أعظم ثورة عرفها التاريخ الإيراني القديم والحديث، التي كان من أهم أسبابها، إن لم يكُن السبب الرئيسي في نجاحها على الأقل، عودة هذه الامة العظيمة أي الأمة الإيرانية إلى ذاتها وإلى دينها وتحررها من محاولات «الكمالية» الإيرانية القومية المتعصبة التي كادت أن تفضي بها إلى هامش التاريخ، عندما حوَّل نظامها «شاه الأميركان» إلى مجرد «كلب حراسة» لمصالح الأنغلوساكسون، كما كان يسميه أسياده أنفسهم.

هل نسي هؤلاء كيف أن حتى هذا الشاه، اضطر إلى التودد لمنظمة التحرير الفلسطينية، واستدعى أحد قادتها سعيد كمال سراً إلى طهران وحاول إغراءه بمساعدات وعرض مساومة عليه؟ بل إنه ذهب في أيامه الأخيرة إلى محاولة إظهار نفسه متضامناً مع القضية الفلسطينية بشكل علني، لكن عبر قناة الرئيس أنور السادات المشبوهة بالطبع، لكن كل ذلك لم ينفعه، لأن الأمة كانت قد اختارت طريقها وشخصت اتجاه البوصلة الصحيح عندما قررت الالتفاف حول المناضل الرمز ورجل إيران الحر والفدائي الإيراني الأول والعاشق لوطنه أكثر من كل هؤلاء المتشدقين، أي الإمام روح الله الموسوي الخميني.

لماذا؟! لأنه ليس مسلماً صادقاً فقط، وليس إيرانياً حراً فقط، بل لأنه أيضا وقبل كل ذلك قد فهم الإسلام والوطنية في اتجاه البوصلة الصحيح، تماماً كما هي حال خليفته اليوم، وتماماً كما هي حال شعبه وأمته اليوم، أي مفهوم الإسلام والوطنية اللذين يقطعان بحزم ضد اعداء الشعوب الدائمين أي الأنغلوساكسونيين.

إن هؤلاء الذين يرفعون شعار «إيران أولاً»، لن يمضي وقت طويل حتى تنكشف عوراتهم وكذب ادعائهم حتى في الدفاع عن إيران، والأيام بيننا، وتجارب «لبنان أولاً» و»العراق أولاً، وربيع هذه العاصمة أو تلك أولا أمامنا، ذلك، لأن (بوصلةً لا تشير إلى القدس مشبوهة*** حطموها على قحف أصحابها)، كما يقول الشاعر الكبير مظفر النواب، لماذا؟

ذلك لأن العقل العلمي السليم أيضا، لا الدين والإيديولوجيا والمبادئ والعقيدة والشرع فحسب، يؤكد لنا ذلك وبالأرقام والأعداد والحساب والكتاب والتحليل!

نذكر لكم شاهداً واحداً فقط، على سبيل المثال لا الحصر، أن الخرائط الصهيونية الموضوعة لحدود إسرائيل الكبرى الحلم تضم في أكنافها مدينة شيراز الحبيبة مدينة عشق كل الإيرانيين المولعين بأدبائها الكبار أمثال سعدي وحافظ الشيرازيين، إذا كنتم من محبي إيران حقا؟!

هذا ناهيك عن أن تحقق استقلال أو سيادة أو وحدة أراضي أي من بلاد الشرق الكبير اليوم، بات من المستحيل في ظل أطماع حكومة الصهيونية العالمية الخاطفة لقرارات المجتمع الدولي، والتي لا تقف عند حدود الجغرافيا التقليدية، بل تريد تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم، وإيران على أجندة التقسيم المذهبي والعرقي والطائفي المشؤوم، حسب كل الدراسات المعدة في معاهد دراساتهم!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني 

back to top