... والانسان؟!
أقرت الخطة التنموية في مداولتها الأولى قبل أيام، ولا أعلم أمانة إن كانت تلك هي نفس الخطة التي كتبت شخصياً عنها في أكتوبر الماضي، والتي تضمنت بين طياتها القيام بأنشطة سياحية وبيئية وسفاري، وأنشطة سياحة علاجية أيضاً.
وسأكذّب نفسي وأصدق بأن الخطة ستنفذ على أكمل وجه أو على نصف وجه في أسوأ الأحوال، ولكن أين الإنسان من الخطة؟ وكيف يكون لدينا تنمية بلا بناء بشري صلب؟كيف تبنى الأوطان، والسواعد مكسورة والنفوس مهشمة والعقول مندحرة؟هل اطلع المخططون والمصوتون لمصلحة المخططين على ما تحمله مناهجنا التي نقضي فيها اثني عشر عاما على أقل تقدير من غضب وكره تجاه الآخر؟ هل عرفوا أن بعض العلوم تحذف والنظريات العلمية الشائعة تلغى لأنها لا تتوافق مع الدين الإسلامي حسبما يفسره البعض؟ وهل يعلم الفرحون بالخطة بأن التربية الوطنية مقرر واحد على مدار الأعوام الاثني عشر؟ لنبتعد عن المناهج وكوارث التعليم، هل يعلم مَن صوّت أن هناك نفوساً كويتية مكسورة من دون ذنب سوى أن الأم ارتبطت بغير كويتي، وهو أمر فرضه واقع أعداد النساء في الكويت مقارنة مع الرجال، فكل 3 كويتيات يقابلهن رجل واحد، فالخيارات هي: العنوسة، أو القبول بأن تكون زوجة ثالثة لكويتي، أو الزواج من غير الكويتي... وعلى الرغم من أن الخيار الثالث هو الأكثر منطقية، فإن ابن هذه الزيجة يعاقب برفض وطنه له حتى إن ترمّلت أمه الكويتية أو طُلقت؟!كيف لنا أن ننمو يا أصحاب التنمية ونحن نعلم أن بيننا من هم في السلطة ويؤمن إيماناً مطلقاً بأن الكويت ليست للكويتيين، بل للشيوخ ومن حولهم ممن يناصرونهم في الصواب والخطأ؟ كيف لنا أن ننتزع حقوقنا فيهم الخصم والتحكيم؟أولم يتفكر نواب وحكومة التنمية بعبارة «من جد وجد ومن زرع حصد»؟ كيف لنا أن ننمو ونحن نقضي كل حياتنا بالمجان إن أردنا؟ فنولد في مستشفى الحكومة وتُصرف لنا خمسون ديناراً منذ يومنا الأول، فندخل الروضة، ونأكل ونشرب ونلعب مجاناً، وندرس مجانا، لنُـقبل بعد ذلك في وظيفة مكتبية لا يهم فيها الحضور والغياب أو العمل، فنحصل على الأموال من جراء ذلك بل على الامتيازات أحياناً، فنتزوج ونمنح الأموال والمنزل ولو بعد حين، ونعيش كذلك إلى أن تؤخذ الأمانة فندفن مجاناً... فلا قلق ولا خوف من المستقبل حتى إن كنا أقل من غيرنا في المجتمع إلا أننا سنعيش، ومن ثم يطلب منا أن نجتهد لتنمو الكويت؟ لماذا نبحث عن اللقمة الصعبة مادامت اللقمة السهلة في أيدينا؟لن يتمكن الإنسان لدينا من أن يكون إنساناً أبداً، بل هو مجرد جسد يأكل ويشرب وأحيانا قليلة يفكر في شيء ذي قيمة للمجتمع... لن ننمو ولن تنجح أي تنمية مادام الإنسان متخلفاً.