قبل التوجه إلى مجلس الأمن لإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة، حسب قرار لجنة المتابعة العربية الأخير وفقاً لطلب السلطة الوطنية، فإنه لابد من العدِّ إلى العشرة، وإنه لابد من ضرب أخماسٍ بأسداس، فهذه الخطوة قد تكون مغامرة مكلفة إن لم يكن هناك تحركٌ عربيٌ مسبقٌ جدي وفاعل وبعيدٌ عن مجرد رفع العتب وذلك لضمان تجنب «الفيتو» الأميركي الذي سينْصِب كميناً لهذا التحوُّل في مجلس الأمن الدولي منذ الآن.
إذا لم يرْمِ العرب بثقلهم خلف هذا التوجه الفلسطيني، الذين معهم الحق أن يذهبوا إليه كآخر الخيارات بعد أن انسدَّ الأفق أمامهم على هذا النحو، وإنْ هـُمْ لم يوحدوا صفوفهم وقلوبهم خلف هذا الهدف فإن عليهم ألاَّ يدفعوا «أشقاءهم» الفلسطينيين إلى هذه الخطوة التي إن لم تحسب حساباتها جيداً، فإنها ستكون انتحاراً قاتلاً على رؤوس الأشهاد وفي وضح النهار. حسب المعلومات، فإن ما جرى في القاهرة يوم الخميس الماضي لا يمكن الاعتماد عليه كي تخطو السلطة الوطنية خطوة بهذا الحجم وبهذه الخطورة؛ فالقرار الذي اتُّخذ لم يقترن لا بسلسلة من الإجراءات المـُسبقة ولا بجدول زمني واضح ومحدد ولا بالاتفاق على تحرك دولي لضمان تأييد الدول العظمى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، أو على الأقل لتجنب استخدامها لسيف «الفيتو» الذي إن هو استُخدم فإنه سيؤثر على كل القرارات الدولية السابقة، وأهمها القراران 242 و338. يجب أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار منذ الآن، ويجب الأخذ بعين الاعتبار أيضاً أن إسرائيل قد لوَّحت بضم مستوطنات الضفة الغربية إليها إن أقدم الفلسطينيون على هذه الخطوة، وهذا يستدعي استنفاراً عربيّاً حقيقياً في كل الاتجاهات، أما أن يـُترك محمود عباس (أبومازن) ومن معه ليتصرفوا في قرار يوم الخميس الماضي وحدهم، فإنه يجب أن يكون معروفاً أن القضية الفلسطينية ذاهبة إلى مأساة جديدة تضاف إلى مآسيها الكثيرة. قد يرى البعض ضرورة التوجه إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة مادام «الفيتو» الأميركي سيكون في انتظار هذه الخطوة في مجلس الأمن الدولي، وحقيقة فإن هذا يعني الإفلاس ويعني مجرد رفع العتب، فقرارات الجمعية العمومية غير ملزمة على الإطلاق، وهي مجرد دعم معنوي طالما تلقَّت القضية الفلسطينية منه الكثير على مدى تاريخها الطويل، لكن كل شيء بقي على حاله وبقيت الأمور تتطور من سيئ إلى أسوأ، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه. ثم إذا أراد العــرب ألَّا يذهبوا بهذه الخطوة إلى مجلس الأمن الدولي خـوفاً مـن «الفيتو» الأميركي وخوفاً من ميوعة باقي الدول الدائمة العضوية، ومن بينها حتى الدول التي تعتبر صديقة، فإن عليهم أن يرتبوا أوضاعهم جيداً بحيث إن أعلن الفلسطينيون ما ينوون إعلانه فإنهم سيحصلون بالتأكيد على تأييد مئة وخمسين دولة من بين مئة واثنتين وتسعين دولة هي كل دول العالم، وإنهم لن يواجهوا انتكاسة سياسية إن هي حصلت فعلاً فإنها ستدمِّر قضيتهم، وستدفعهم إلى الخلف عشرات الأعوام. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
لتجنب أي انتكاسة!
17-11-2009