أستطيع أن أفهم فكرة ألّا يوافق البعض على إثارة النائب د. حسن جوهر لموضوع غرفة التجارة، وكذلك من الممكن أن أفهم أن يختلفوا معه قليلاً وحتى كثيراً، بل أفهم أن يعارضوه من الزاوية الدستورية أو الفنية، وحتى من الزاوية السياسية البحتة لاختلافهم معه، أو ربما دفاعاً عن مصالحهم الشخصية المباشرة، فهذا كله قابل للفهم والقبول في ظل لغة الواقع السائدة، بأبعادها المتشابكة، لكن أن ينفلت عقال البعض، وصولاً إلى مرحلة التشكيك بأمانة النائب د. جوهر واتهامه بأن هناك من يقوم بتسييره، بل يدفع له معاشاً لقاء ذلك، فهذا في رأيي ما هو إلا ضرب من ضروب الانحدار!

Ad

لكن الظاهر أنه وفي ظل شيوع اللغة المنحدرة في صحافتنا، وصولاً إلى انتشار ألفاظ البذاءة، وتكرارها في الزوايا والأعمدة، وفي القنوات كذلك، وكله تحت دعاوى الديمقراطية وحرية التعبير، إلى الحد الذي فقدت معه أغلب العيون والآذان وقبلها الأحاسيس كل قدرة على التمييز والفرز والشعور بالاشمئزاز والرفض، أقول إنه في ظل شيوع هذا، فالظاهر أنه قد صار عند البعض كذلك أن القفز مباشرة إلى الطعن في ذمم الخصوم، والتشكيك في نزاهتهم، واللمز والغمز بهم دون دليل، عند الاختلاف معهم، هو شيء عادي جداً وغير مستنكر من أحد!

دعوني أسأل... من منكم ينكر أن د. جوهر هو من أكثر النواب هدوءاً ورقياً في التعامل وحكمة في الطرح، وأنه من أكثرهم بعداً عن التأجيج الإعلامي الفارغ؟ ولا أسألكم هذا وأنا أكتفي بالنظر إلى مسيرة شهر أو شهرين أو سنة أو سنتين، بل وأنا ناظر إلى مسيرة سنوات طويلة مستقرة وهادئة ومتميزة من عمل هذا النائب الذي كان واقفاً على الدوام في الجانب الإيجابي المشرف من كل قضية. لذلك فمن يملك اليوم أن ينكر حقه، كأي نائب آخر، في أن يمارس دوره الرقابي تجاه موضوع ارتآه، وحقه في أن يوجه الأسئلة للوزير المختص به، بل حقه في التصعيد على سلم المحاسبة البرلمانية وصولاً إلى القمة عند منصة الاستجواب؟! فلماذا تثار كل هذه الضجة، ويعلو الصياح والزعيق، ويبدأ البعض في خلط الأوراق، وإقحام خيالات لا يملك أن يقدم عليها أي دلائل، كمثل أن هناك دوراً في الموضوع لمن تضرروا من نتائج انتخابات الغرفة، وأن وراء المسألة كذلك ثارات قديمة، وأنه يقف خلفها من يعادون التجار بشكل عام، وكذلك من يعيشون عقدة الفوارق الطبقية، ومن يريدون تعطيل عجلة التنمية، ومن يعتاشون على الأزمات وإثارة الغرائز الشعبوية؟! وسلسلة طويلة من هذا «التخبيص» والخلط العجيب!

يا سادتي، لقد مارس د. جوهر، وبكل بساطة، دوره المقرر وفقاً لحقه المنصوص عليه دستورياً، كما أن كل التساؤلات التي طرحها منطقية وموضوعية، في حين أن الإجابات التي وردت من وزير المالية لم تشفِ غليل هذه الأسئلة، وتلك التصريحات التي جاءت من رئيس الغرفة كانت مبهمة وبعيدة عن مس صميم ما طرح من تساؤلات، لذا فالواجب الوطني والإنصاف يقتضيان أن نقف جميعا مع د. جوهر لا العكس.

لا تهمني الغرفة شخصياً، فلا علاقة حقيقية لي معها، ولكن يهمني في المقام الأول، وقبل أي شيء آخر أن يتم علاج كل التجاوزات، أو دعوني أخففها فأقول كل الشبهات، التي تعلو قوانين وعمل هذه المؤسسة أولاً، وبالمثل كل مؤسسات الدولة الأخرى، وبالتالي فأنا واقف وعلى طول الخط في خندق د. حسن جوهر!